الاثنين، 15 يوليو 2013

المنافسة في التشريع الكويتي ج2زء



تشريع المنافسة الكويتي وفقا لاحكام القانون عدد ( 15 ) المؤرخ في 23 ابريل 2007 والمتعلق بحماية المنافسة .
       ان المتمعن في الاحكام السابقة يلحظ بوضوح توجه المشرع الكويتي نحو تكريس مبدا الامانة في المنافسة والذي يمثل الاساس القانوني لكل احكام المنافسة غير المشروعة فكان الهدف المنشود وفقا لمعطيات الاقتصاد الكويتي في بداية الثمانينات هو حماية الفاعلين الاقتصاديين من سلوكيات غير مشروعة فيما بينهم غير ان توجه دولة الكويت الى الانخراط اكثر فاكثر في الاقتصاد العالمي وانضمامها لمنظمة التجارة العالمية حتم عليها اعادة النظر في تشريع منافسة اصبح لا يفي بالحاجات والالتزامات والتطلعات الدولية للكويت فغدى تطوير وتكريس باقي مبادىء قانون المنافسة وفق ما هو متعارف عليه في التشريعات الدولية مطلبا ضروريا لا غنى عنه لدولة ترغب باستمرار في التواجد على مستوى الاقتصاد العالمي.
في هذا الاطار صدر  قانون 23 ابريل 2007 المتعلق بحماية المنافسة والذي نأمل ان ترى لائحته التنفيذية النور في القريب العاجل لضمان تفعيل هذا القانون ، لقد كرس هذا القانون في مادته الثانية وبصفة صريحة مبدا المساواة في المنافسة ومبدا حرية المنافسة فوفقا لهذه المادة فان حرية ممارسة النشاط الاقتصادي مكفولة للجميع على النحو الذي لا يؤدي الى تقييد المنافسة الحرة او منعها او الاضرار بها .
أ ـ اقرار مبدا المساواة في المنافسة :
       لقد كرس المشرع هذا المبدا عندما اعتبر ان حرية ممارسة النشاط الاقتصادي مكفولة للجميع بحيث اعتبر بالمادة ( 4 ) فقرة ( 12 ) اهدار تكافؤ الفرص بين المتنافسين بتمييز بعضهم عن البعض الاخر في شروط صفقات البيع او الشراء دون مبرر او بتسريب معلومات لصالح احد المتنافسين دون غيره من قبيل الممارسات الضارة بالمنافسة لان من شانها إهدار المنافسة فيما بينهم فالهدف من وراء اقرار مبدا المساواة هو ضمان المساواة الفاعلة والحقيقية بين المتنافسين  بما يوفر الحماية للمصالح الفردية وبصفة غير مباشرة حماية المستهلكين .
ب ـ اقرار مبدا حرية المنافسة :ـ
       تبنى المشرع مبدا حرية المنافسة بصفة صريحة فحرية ممارسة النشاط الاقتصادي مكفولة للجميع على النحو الذي لا يؤدي الى تقييد المنافسة الحرة او منعها او الاضرار بها . وهو ما يفيد تكريس مفهوما موسعا لحرية المنافسة فما هو ممنوع هو كل اخلال بالحرية سواء كان تقييداً او منعاً او اضراراً بها .
فحرية المنافسة تعني الحق لكل فاعل اقتصادي في استعمال الوسائل التي يراها صالحه لاستقطاب العملاء اما الضرر التنافسي  الحاصل جراء ذلك فلا يعتبر غير مشروع في حد ذاته . فاذا كانت المنافسة تهدف أساساً الى استقطاب المزيد من العملاء وتوسعة نصيب المنافس من السوق ، فان مبدا حرية المنافسة يعطي الحق لكل فاعل اقتصادي في اللجوء الى اية وسيلة يراها صالحة لكسب مزيد من العملاء شريطة ان لا تكون هذه الوسائل مقصية او محددة لحرية المنافسة وهو ما يعني ان الضرر التنافسي لا يعد مشروعاً الا اذا كانت الوسائل التي استعملت في نطاق التنافس ليس من شانها ان تتعارض مع آليات السوق الطبيعية .
ولقد ترجم اقرار مبدا حرية المنافسة تشريعا بحظر الباب الثاني من قانون 2007 لكل الممارسات الضارة بالمنافسة والمخالفات الاحتكارية فقررت المادة الرابعة منه على حظر  الاتفاقيات او العقود او الممارسات او القرارات الضارة بالمنافسة الحرة  كما حظرت على الاشخاص الطبيعيين او الاعتباريين ذوي السيطرة اساءة استخدامها وفقا لما يلي :ـ
1 ـ التأثير في اسعار المنتجات محل التعامل بالرفع او الخفض او بالتثبيت او بالمعاملات الصورية او الوهمية او باية صورة اخرى بما يتعارض مع الية السوق بغرض الاضرار بالمنافسين الاخرين .
2 ـ الحد من حرية تدفق المنتجات الى الاسواق او خروجها منها بصورة كلية او جزئية باخفائها او الامتناع عن التعامل فيها او بتخزينها دون وجه حق ، او باية صورة اخرى .
3 ـ افتعال وفرة مفاجئة للمنتجات تؤدي الى تداولها بسعر غير حقيقي يؤثر على اقتصاديات باقي المتنافسين .
4 ـ منع او عرقلة ممارسة أي شخص لنشاطه الاقتصادي في السوق او التوقف عنه في أي وقت .
5 ـ حجب المنتجات المتاحة بالسوق بصورة كلية او جزئية عن شخص معين وذلك وفق الضوابط الموضحة باللائحة التنفيذية .
6 ـ بيع المنتجات باقل من تكلفتها الفعلية بقصد الاضرار بالمنتجين المنافسين .
7 ـ التأثير على عطاءات بيع او شراء او تقديم او توريد المنتجات والخدمات سواء في المناقصات او المزايدات او عروض التوريد ولا يعتبر من هذا القبيل العروض المشتركة من المتقدمين .
8 ـ وضع نصوص في شرط المناقصات تسمى فيها ماركة او صنف السلع المراد شراؤها .
9 ـ التوقف الكلي او الجزئي عن عمليات التصنيع او التطوير او التوزيع او التسويق للسلع او الخدمات او وضع قيود او شروط على توفيرها وذلك وفق الضوابط الموضحة باللائحة التنفيذية .
10 ـ اقتسام اسواق المنتجات او تخصيصها على اساس من المناطق الجغرافية او مراكز التوزيع او نوعية العملاء او السلع او المواسم او الفترات الزمنية بقصد الاضرار بالمنافسة .
11 ـ تعليق ابرام عقد او اتفاق على شرط قبول التزامات تكون بطبيعتها او بموجب الاستخدام التجاري غير مرتبطة بمحل التعامل الاصلي او الاتفاق .
12 ـ اهدار تكافؤ الفرص بين المتنافسين بتمييز بعضهم عن البعض الاخر في شروط صفقات البيع او الشراء دون مبرر ، او بتسريب معلومات لصالح احد المتنافسين دون غيره.
       ايماناً من المشرع بان المنافسة ليست غاية في حد ذاتها لم يتبنَ مفهوما مطلقا لحرية المنافسة . فهذه الاخيرة ليست الا الية لتحقيق الأهداف الاقتصادية بحيث يمكن مراجعتها وتطويرها كلما اقتضت الظروف ذلك وفقا للمادة ( 5 ) من قانون  (2007 ) وعليه يمكن للجهاز  المكلف بحماية المنافسة بناء على طلب يتقدم به ذوو الشان ان يسمح ببعض الممارسات والاتفاقات والعقود والقرارات التي من شانها ان تحد من المنافسة وتحقق منافع محددة وواضحة للمستهلك تفوق اثار الحد من حرية المنافسة  فضمن هذا المنظور يعود لجهاز حماية المنافسة تحليل الأوضاع حالة بحالة واقامة موازنة اقتصادية بين ايجابيات وسلبيات كل ممارسة على حده فاذا فاقت الايجابيات سلبيات تحديد المنافسة جاز ذلك . ولان دراسة وتحليل المعطيات الاقتصادية تتم بالنظر الى سوق معين ارتاى المشرع تعريف السوق المعنية باعتبارها تتشكل من عنصرين هما المنتجات والنطاق الجغرافي ويقصد بالمنتجات كل المنتجات التي يعد كل منها بديلا عن الاخر او يمكن ان تحل محله في تلبية احتياجات متلقي الخدمة او السلعة ويقصد بالنطاق الجغرافي الحدود الدولية لدولة الكويت . هذا وقد وسع المشرع من مجال تطبيق قانون المنافسة بحيث يطبق على التجار والشركات بجميع انواعها والكيانات الاقتصادية والجمعيات والاتحادات والمؤسسات وغيرها من المنشات والروابط او تجمعات الاشخاص على اختلاف طرق تاسيسها وعليه فقانون المنافسة الكويتي ينطبق على كل فاعل اقتصادي متواجد في السوق او منتظر دخوله اليه مهما كانت طبيعة نشاطه . فالمهم ان يكون السوق المتواجد عليه تنافسيا كما ينطبق هذا القانون على الممارسات الضارة بالمنافسة ولو تمت خارج دولة الكويت اذا ترتب عليها منع حرية المنافسة او تقييدها او الاضرار بها داخل السوق الكويتي .
هذا و تجدر الاشارة الى ان احكام قانون ( 2007 ) لا تسري على المرافق والمشروعات المملوكة للدولة والانشطة والمشروعات المنظمة بقانون خاص اوالتي تستهدف تسهيل النشاط الاقتصادي كالتعاون بين الشركات وتبادل المعلومات .


 مكافحة السيطرة ورقابة عمليات الاندماج .
السيطرة وضع يتمكن من خلاله شخص او مجموعة اشخاص تعمل معا بشكل مباشر او غير مباشر من التحكم في سوق المنتجات وذلك بالاستحواذ على نسبة تجاوز ( 35% ) من حجم السوق المعنية . والسيطرة ليست محظورة بهذا المعنى وانما حظر المشرع اساءة استخدامها ويكون الشخص طبيعيا او معنويا والحائز على نسبة تفوق (35% ) من حجم السوق التي ينشط بها مسيئا لاستخدام وضع السيطرة الذي يتمتع به اذا استغل ذلك الوضع واستعمل او قام باية ممارسة من الممارسات الضارة بالمنافسة والمذكورة بالمادة ( 4 ) من القانون.
       اما بالنسبة لعمليات الاندماج فبالرغم من افراد المشرع له باحكام خاصة به ضمن قانون الشركات الكويتي الا انه وايمانا منه من جهة بضرورة تشجيع مثل هذه العمليات لما لها من فائدة اقتصادية . ومن جهة ثانية بخطورة مثل هذه العمليات على الاقتصاد وعلى حرية المنافسة . فقد افرد احكام رقابة صارمة عليها بحيث أوجب على الاشخاص الطبيعيين او الاعتباريين الذين يرغبون في اكتساب اصول او حقوق ملكية او انتفاع او اقامة اتحادات او اندماجات او دمج او الجمع بين ادارة شخصين او اكثر على نحو يؤدي الى السيطرة او زيادة السيطرة القائمة على السوق المعنية اخطار الجهاز المكلف بحماية المنافسة بذلك فورا ومتى بلغت الحصة الناتجة المستوى الذي يحقق نسبة السيطرة على السوق . فللجهاز المذكور تولي فحص الاخطار المذكور والتقدير فيه على اساس تحليل وموازنة المنافع والمضار المنتظرة من عملية الاندماج .
وامام دقة المفاهيم الجديدة الواردة بقانون حماية المنافسة لسنة ( 2007 ) كـان لزاما على المشرع اقرار جهاز مستقل وخاص من حيث  تركيبته وصلاحياته للنظر في كل ما يتعلق بالممارسات الضارة بالمنافسة فأنشأ تبعا لذلك جهاز لحماية المنافسة يتمتع بالشخصية الاعتبارية وملحق بوزارة التجارة والصناعة ومن مهامه تلقي الاخطارات والطلبات والشكاوى واتخاذ اجراءات التقصي والبحث والتحقيق بالنسبة لحالات الاتفاقات والتعاقدات والممارسات الضارة بالمنافسة . كما ان له سلطة اتخاذ قرارات اعفاء او سماح من اعتبار بعض الممارسات الضارة بالمنافسة مسموحة بشرط ان تكون برغم تحديدها للمنافسة مفيدة ونافعة للمستهلك وهو ما يؤكد ان المنافسة في ذهن المشرع الكويتي ليست الا آلية من اليات تحقيق الأهداف الاقتصادية ويمكن استبعادها استثنائيا اذا كانت هناك فوائد اجتماعية تغلب على سلبياتها الاقتصادية . وللجهاز دور حاسم في دراسة الاخطارات المتعلقة بعمليات الدمج والتكتل وموازنة السلبيات والايجابيات ومحاولة اقامة معادلة بين الفوائد المنتظرة من عملية الاندماج واستبعاد حالات الاحتكار المتأتية من خلق مركز سيطرة او تدعيم وزيادة السيطرة القائمة جراء عملية الاندماج . وعلى الجهاز المكلف بحماية المنافسة عند ثبوت مخالفة احكام قانون المنافسة وخصوصا المواد المتعلقة بالممارسات الضارة بالمنافسة والممارسات المسموح بها وعمليات الاندماج اتخاذ قرارات ادارية بتكليف المخالف او المخالفين بتعديل اوضاعهم وازالة المخالفات فوراً او خلال فترة زمنية معينة او اتخاذ قرار بوقف الممارسات المحظورة كل ذلك دون الاخلال باحكام المسئولية الجزائية الناشئة عن هذه المخالفات ويتم الطعن في القرارات الادارية التي تصدر تطبيقا لاحكام قانون المنافسة امام الدائرة الادارية وتنظر هذه الطعون على وجه السرعة .
 محمد التويجري
محامي ـ محكم
www.twaijri.com
twaijri@twaijri.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق