الاثنين، 15 يوليو 2013

التزام الطبيب بتبصير المريض



التزام الطبيب بتبصير المريض



م.د. سالم عبد الرضا طويرش الكعبي
كلية القانون / جامعة البصرة


مقدمة البحث

العلاقة بين الطبيب والمريض تتميز بطابع خاص يبرر انفرادها ببعض الاحكام ، واول ما يميز هذه العلاقة غلبة الطابع الشخصي عليها ، فالمريض قد ادخل في اعتباره شخصية الطبيب عند قيام رغبته في التعاقد معه ووضع ثقته به ، فاذا اختار مريض طبيبا لعلاجه او اجراء جراحة له ، فلازم ذلك ان شخصية الاخير قد وقعت منه موقع الارتياح والقبول بما يترتب على ذلك ان المريض يتعامل مع الطبيب ويخاطبه وكأنه يخاطب نفسه بل يسلم نفسه اليه ويبوح بما لا يقدر على البوح به لغيره .
كذلك تتميز هذه العلاقة بانها تقوم بين قوي وضعيف بين عالم باصول فنه متخصص فيه وبين جاهل به .
كما تتصف هذه العلاقة ايضاً باعتمادها على ضمير الطبيب ، اذ ان هناك مجموعة من الالتزامات تنشأ وتترعرع في احضان مهنة الطب ويجد الممارس لها نفسه ملزماً بها بوازع من ضميره وبباعث من خلقه دون النظر الى اهتمام المشرع بها من عدمه ودون اشتراط اشارة العقد الرابط بين الطبيب ومريضه الى هذه الالتزامات .
ومهما حاول المشرع واجتهد في وضع جزاءات على الطبيب فلن يصل الى ردعه ما لم يجد الاخير من نفسه رقيباً ويقيم من ضميره قانوناً داخلها يهديه الى الرشد ويبعده عن الزلل.
ومن جماع هذه الصفات للعلاقة بين الطبيب ومريضه تتضح اهمية العقد المبرم بينهما بما يفرضه على الطبيب من التزام مهم ، مضمونه قيامه بتبصير المريض وتنوير ارادته واسداء المشورة له . ونرى في الالتزام بالتبصير التزاماً يقع على عاتق الطبيب بحكم علمه بما لا يستطيع المريض ادراكه ، ومن واقع المامه بمعلومات علم تعجز قدرة المتعامل معه عن الوصول الى بحوره ،






ولذلك فالطبيب ملزم بارشاد مريضه واضاءة طريقه وتبصير ارادته قبل ابرام العقد بينهما حتى يأتي رضاه سليماً .

خطة البحث

سيتم تقسيم البحث الى ثلاث مباحث، نتناول في المبحث الاول الخلاف حول مدى التزام الطبيب بتبصير الطبيب، ونتناول في المبحث الثاني اساس التزام الطبيب بتبصير المريض وعلى من يقع عبء اثبات هذا الالتزام، ونتناول في المبحث الثالث تطبيقات هذا الالتزام في بعض المجالات الطبية والتي تكون على قدر من الاهمية وهي حصرا التزام الصيدلي والطبيب في وصف العلاج واستخدامه والتزام جراح التجميل والتزام الجراح في مجال زرع الاعضاء البشرية.

المبحث الأول
مدى التزام الطبيب بتبصير المريض

شهد بحث موضوع مدى التزام الطبيب بتبصير المريض في مجال التدخل الجراحي والعلاجي جدلاً فقهياً واسعاً ، وي التمييز بين ثلاث اتجاهات مختلفة في هذا الصدد :-
الاتجاه الاول :- منكر ، ويرى عدم الالتزام بتبصير المريض ، بل ويطالب بان يوضع المريض تحت وصاية الطبيب .
الاتجاه الثاني :- موسع ، ويفرض على الطبيب الالتزام بتبصير المريض بطبيعة ونوع التدخل الجراحي ومخاطره .
الاتجاه الثالث :- محدد ، ويذهب الى وجوب التزام الطبيب بتبصير المريض في حدود معينة .
وسوف نعرض لكل من هذه الآراء على الترتيب ، ثم نعرض للاتجاه الذي نراه .
الاتجاه الأول :- عدم التزام الطبيب بتبصير المريض :-
اعترض انصار هذا الرأي – واغلبهم من الاطباء - على مبدأ الرضا المتبصر واستندوا في اعتراضهم الى صعوبة تطبيق المبدأ من الناحية العملية فالمعرفة والخبرة التي تتوفر لدى الطبيب وبحكم تخصصه وعمله يصعب نقل معطياتها الى المريض في الكثير من الحالات خاصة اذا كان من العامة ولا يتوفر لديه الحد الادنى من الثقافة التي تمكنه من فهم وادراك اوجه المعرفة في هذا المجال ، لان المريض غالباً ما يكون جاهلاً بالمسائل الطبية والاساليب العلمية التي ينتهجها الطبيب(1).
بالاضافة الى ذلك فان الطبيب يتعذر عليه التنبؤ بنتائج معينة لاسباب عديدة منها صعوبة التعرف على التاريخ المرضي للحالة التي يتعامل معها للمرة الاولى وازداد هذا الاحتمال في زماننا هذا مع تطور نظام التأمين الصحي وانتشاره ونظام العلاج في الوحدات الصحية الخاصة المختلفة ، وقد ادى ذلك الى امكان تعدد الاطباء الذين يشرفون على علاج مريض واحد بل وضاق مجال اختيار المريض لطبيب معين لعلاجه(2).
ويرى البعض ان مبدأ الرضا المتبصر قد لا يتفق مع مصلحة المريض في بعض الحالات ، فالتعرف على حقيقة حالته الصحية قد يعرضه لصدمات نفسية او اضطرابات اخرى قد تؤخر العلاج بل قد يدفعه اليأس اذا كان المريض ميئوساً من شفاءه الى تصرفات اجتماعية اخرى قد لا تتفق مع المصلحة العامة او الخاصة(3) . 
فيجب على الطبيب ان يدخل الثقة في نفس المريض وان يحافظ على حالته المعنوية ليساعده على مواجهة ومقاومة المرض(4) .
واكد البعض ان رسالة الطبيب تهدف اساساً الى تحقيق مصلحة المريض ، وهي رسالة اجتماعية وصحية في ذات الوقت ، وهو ملتزم باليمين التي يؤديها عند مزاولة المهنة ، ويتضمن الالتزام بالعمل وفقاً لما تقتضيه مصلحة المريض ويضيف الاطباء منتقدين مبدأ الرضا المتبصر ان العمل قد جرى على ان المريض غالباً ما يترك للطبيب حرية اختيار وسيلة التشخيص والعلاج بناء على الثقة التي تحكم العلاقة بين الطبيب والمريض ، لذلك يرون ان فكرة الرضا المتبصر اسطورة غير حقيقية او وهمية تنعكس على اداء المهنة اذ تجعل اختيار العلاج او اسلوب التشخيص حقاً للمريض ذاته ، بينما اذا بقي من اختصاص الطبيب وحده فهذا يجعله اكثر دقة وحرصاً حيث يتحمل المسؤولية كاملة مما يتفق وحقيقة رسالة الطب والمصلحة العامة المرتبطة به(5) .    
وقد اعلن البروفسور (De vernejoul  ) الرئيس السابق لنقابة الاطباء الفرنسيين، ان اعلام المرضى من اجل الحصول على رضائهم يجب ان يتلاءم مع مستوى فهمهم وادراكهم ، ولا يجب ان يزيد من قلقهم وخوفهم ، كما اعلن البروفسور ( Graven ) ان الطبيب لا يلتزم لا طبياً ولا قانونياً باعلام المريض اعلاماً مطلقاً بحالته ونتائج تدخله الجراحي او العلاجي ، لان الطبيب لا يهدف من ذلك الا لانقاذ حياة المريض او على الاقل لتحسين حالته الصحية(6) .
الاتجاه الثاني :- ضرورة التزام الطبيب بتبصير المريض :-
وهو اتجاه يجد تأييداً من بعض فقهاء القانون الفرنسيين(7) ، وبعض من المحاكم في الولايات المتحدة الامريكية(8) ، وهو اتجاه يوسع من مسؤولية الطبيب في تبصير المريض، حيث يقع على عاتق الطبيب وفقاً لهذا الاتجاه التزام بان يكشف للمريض عن حالته الصحية بكل دقة وان يوضح اساليب الفحص والعلاج وكل ما يرتبط بها من مخاطر حتى ولو كانت بعيدة الاحتمال ، واي كذب او اخفاء للحقيقة عن المريض يعتبر من قبيل الخطأ الطبي الموجب للمسؤولية .     
وذلك حتى يتمكن المريض من ان يتخذ قراره في ضوء كافة الظروف المصاحبة، فالمريض لا يستطيع ان يقبل او يرفض تحمل المخاطر الناجمة عن التدخل العلاجي او الجراحي الا بعد تبصيره بحقيقة هذا التدخل ومدى ما ينطوي عليه من مخاطر(9) .
فقد اكدت المحاكم في الولايات المتحدة الامريكية ضرورة التبصير الكامل للمريض على الوجه السابق وان العبرة في تحديد طبيعة المعلومات ونطاقها التي يلتزم الطبيب بتبصير المريض بها ، هي ما يحتاجه المريض الذي يتمتع بالقدر المتوسط بالحيطة والحذر في ذات الظروف ، ومن ثم يعرض الطبيب نفسه للمسؤولية القانونية اذا ترتب على تدخل الطبيب مضاعفات معينة ، ولم يتوافر بالنسبة للطبيب أي صورة من صور الخطأ ، انما تم الاجراء بدون الموافقة المستنيرة للمريض(10) .   
فيجب على الطبيب الالتزام بتبصير المريض بالحقيقة حتى يصدر رضائه عن بينة وتبصر وعلم كامل بحقيقة الامور ، وهذا الالتزام يستند الى مبدأ حرمة جسم الانسان واحترام حريته الشخصية ، فالمريض انسان يتمتع بحرية الاختيار ، وله حق في جسمه ، فلا يجوز للطبيب المساس بهذا الحق الا بعد الحصول على رضائه المتبصر والمستنير ، فهو وحده الذي يملك المفاضلة بين المزايا التي ستعود عليه من التدخل العلاجي او الجراحي والمساس بجسمه وبين المخاطر التي تترتب على ذلك(11) .
هذا بالاضافة الى ان العلاقة بين الطبيب والمريض تقوم على اساس من الثقة والتعاون المتبادل ، ولهذا يجب على الطبيب تبصير المريض بطبيعة ونوع العمل الجراحي ومخاطر العلاج المقترح ، واي اخفاء او كذب من قبل الطبيب يجعل رضاء المريض مشوباً بغلط او تدليس(12) .
ومن ثم يكون العقد الطبي موقوفاً على اجازة المريض وفقاً لقواعد القانون المدني(13).
وان كان الطبيب والمريض طرفا العلاقة الطبية متساويين امام القانون ، الا انهما ليسا كذلك في الواقع العملي ، فهناك خلل في المساواة الفعلية بينهما ، حيث يقف المريض امام الطبيب موقف الجاهل باصول وقواعد الفن الطبي ، وعدم القدرة على اختيار الوسائل المختلفة للعلاج(14) ، الا ان ذلك لا يبرر الاستغناء عن رضاءه المتبصر والمستنير، فالمريض انسان حر كامل الاهلية وليس مجرد شيء يكون محلاً لعمل الطبيب(15) .
وقد اخذ القضاء الفرنسي(16) بمبدأ ضرورة التزام الطبيب بتبصير المريض بمخاطر العلاج المقترح ، والحصول على رضائه قبل التدخل الجراحي ، فقد قضى بان الطبيب الذي يجري لمريض عملية جراحية دون تبصيره بالمخاطر المحتملة التي يمكن ان تؤدي اليها هذه العملية وبغير رضاء مستنير منه يعد مسؤولاً عن كافة النتائج الضارة من جراء تدخله ولو لم يرتكب أي خطأ طبي بالمعنى الفني(17) .
كما قضي بمسؤولية الطبيب الذي اجرى لمريض جراحة جزئية دون تبصيره بالمخاطر التي تترتب على اجراء هذه الجراحة والتي تتمثل باجراء عملية جراحية اخرى اشد خطورة ، اذا كان امام المريض عرض آخر للعلاج من قبل طبيب آخر حيث اقترح عليه اجراء عملية جراحية واحدة(18) .
الاتجاه الثالث :- التزام الطبيب بتبصير المريض في حدود معينة :-
وهو اتجاه الفقه والقضاء الفرنسي واللاتيني بصورة عامة(19) ، وغالبية الفقه والقضاء الامريكي(20) ، ويقف اصحاب هذا الاتجاه موقفاًُ وسطاً بين الاتجاهين السابقين ، حيث يؤكدون على مبدأ التزام الطبيب بتبصير المريض عن حالته الصحية والاساليب التي يقترح تطبيقها وايجابياتها وما لها من سلبيات ، وفي ذات الوقت يرى انصار هذا الاتجاه ان الالتزام ليس مطلقاً فيتمتع الطبيب بسلطة تقديرية بشأن تحديد واختيار المعلومات التي يرى ابلاغ المريض بها ، ويحكمه في ذلك معيار الحرص والعناية ، التي يجب ان يلتزم به في كافة ما يباشره من اجراءات في مواجهة المريض(21) .
ويعد هذا التقدير من المسائل الفنيةالبحتة التي لا يقرها او يؤكد اهميتها الا المتخصصون في ذات المهنة ، وفي ذات الفرع من التخصص(22) .
ويذهب اتجاه الى تضييق التزام الطبيب بالتبصير فلا يشترط ان يكون تبصير الطبيب لمريضه كاملاً بشأن حالته الصحية واسلوب العلاج الذي يقترحه او وسيلة التشخيص حسب الاحوال فيكفي لدى بعض المحاكم الانكليزية ان يحيط المريض بحالته الصحية وطبيعة الوسيلة التي يقترحها دون ان يتعرض للمخاطر والمضاعفات اياً كان طبيعتها او درجة توقعها ، ومن اهم السوابق القضائية في صياغة مبدأ الرضا المستنير لدى المحاكم الانكليزية ان سيدة كانت تعاني من الم في المنطقة المحيطة بمكان عملية فتق سبق ان اجريت لها ، والمدعى عليه الطبيب كان متخصصاً في علاج الآلام وقام بحقن المريضة بسائل الجلسرين والفينول بجوار العمود الفقري ، حتى يتمكن من التأثير على نشاط العصب الذي يسبب الالم ، ونجح في الحقنة الاولى في تخفيف الالم لمدة محدودة من الوقت وقام الطبيب بتكرار الاجراء ولكن في واحدة منها ترتب على التدخل خمول في الساق اليمنى ، مما اثر على الحركة وادعت المريضة ان الطبيب لم يخطرها بهذه الآثار الجانبية المحتملة ، وانها لو كانت قد احيطت علماً بها لرفضت العلاج ، واوضح القاضي انه حتى تقوم مسؤولية الطبيب عن تلك الآثار الضارة فان العيب الذي يؤثر في سلامة الرضا يجب ان يكون اكثر جسامة من مجرد عدم الكشف عن بعض المخاطر فيكفي ان يحيط المريض علماً بالاجراء المقترح بصيغة عامة ، حتى يفهم المريض طبيعة هذا العمل دون ان يلتزم الطبيب بالتفاصيل المتعلقة بمضاعفات معينة ، فيكون رضاء المريض سليماً ما دام يتوجه باسئلة حول المخاطر المتوقعة(23) . 
واكد بعض الفقهاء والسوابق القضائية في انكلترا انه يكفي لنفي الخطأ الذي يوجه الى الطبيب على اساس انه لم يبصر المريض بالمعلومات الكافية ان يثبت الطبيب ان هناك رأياً طبياً له وزنه وقدره يؤيد ما ارتآه الطبيب لازماً لابلاغ المريض به في حالة معينة حتى لو كان يمثل اقلية بين الاطباء في ذات التخصص وفي ذات الوقت الذي حدثت به الواقعة(24) . 
ووفقاً لهذا الرأي يجوز للطبيب الا يتعرض لبعض المخاطر قليلة الجسامة ونادرة الحدوث ، ومن الحالات التي اوضح فيها مجلس للوردات في بريطانيا هذا المعيار في احدى القضايا التي تتلخص وقائعها في ان المدعية اصيبت بشلل عقب اجراء عملية جراحية لعلاج انزلاق غضروفي بالرقبة وكان احتمال الخطر لا يتجاوز 2% بالنسبة لاصل العصب واقل من 1% بالنسبة للعمود الفقري وكان الطبيب قد اوضح للمريضة احتمال الخطر الاول دون الثاني ، وانتهى مجلس للوردات الى تأييد الاتجاه الذي اخذت به محكمة البداءة ( اول درجة ) اذ قضت برد الدعوى وعدم مسؤولية الطبيب واستند الحكم الى ان العلاقة بين الطبيب والمريض لها طابع خاص ، فالمريض من حقه التعرف على المعلومات الضرورية لكي يمارس حقه في الموافقة على الوجه السليم ، ومعيار المعلومات الضرورية والكافية يخضع لتقدير الطبيب وفقاً لمعيار القدر المتوسط من الحيطة والعناية والحذر والدراية والتعقل الذي يجب ان يلتزم به الطبيب في مواجهة المريض في كافة مراحل التدخل الطبي ، واكد مجلس اللاوردات ان المعيار الطبي يسري في مجال تحديد ونطاق المعلومات لان ذلك يرتبط تماماً بالممارسة الطبية وما يحكمها من قواعد ، كما انه كثيراً ما ينعكس على مدى نجاح الاجراءات الطبية المقدمة من جانب الطبيب(25) .  
ونرى ان التزام الطبيب بتبصير المريض يجب ان يأخذ في حدود التحفظات التالية:-
1.       اذا كان على الطبيب ان يحيط المريض علماً بكل النتائج الضارة التي يمكن ان تنشأ من جراء تدخله العلاجي او الجراحي الا ان هذا لا ينطوي بطبيعة الحال على تلك النتائج قليلة الاحتمال او التي يندر وقوعها في الحياة العملية والتي قد تنشأ عن تشوهات خلقية خاصة بالمريض ويندر وجودها عند عامة الناس ، ويصعب توقعها طبقاً للمعلومات العلمية القائمة(26) ، طالما ان ذكر هذه المخاطر لن يكون له اثراً سلبياً على حالة المريض النفسية(27) ، فالاخفاء في هذه الحالة انما يستهدف مصلحة المريض ويفيد في علاجه .
ويترتب على ذلك انه لا يجوز للطبيب ان يخفي عن المريض المخاطر المتوقعة عادة من التدخل العلاجي او طرق العلاج المختلفة لان المريض هو وحده الذي يملك حق الاختيار(28).
فقد حدث ان اصيبت سيدة شابة بحالة انهيار عصبي ، توجهت على اثره الى طبيب امراض نفسية وعصبية الذي قرر ان يعالجها بصدمات كهربائية دون ان يحصل على موافقتها ، وقد ترتب على العلاج اصابة المريضة في الرأس باصابات شديدة ، رفعت المريضة دعوى تعويض على الطبيب نسبت اليه فيها ان سكت عن تبصيرها بالمخاطر المحتملة للتدخل العلاجي وقد قضي بمسؤولية الطبيب في هذه الدعوى على اساس ان اخفاءه لهذه المخاطر المحتملة عن المريضة يعتبر من قبيل الوسائل التدليسية ما دام قد ترتب على هذا الاخفاء ضرر(29) . 
2.       لا يقبل من الطبيب بصورة عامة الكذب على المريض بهدف حمله على قبول تدخل علاجي او جراحي لا تستند عليه حالته ، لان اساس مشروعية العمل الطبي لا يكمن في الشفاء ، وانما في ارادة المريض ، وعندما تخضع هذه الارادة لوسائل تدليسية ، فانه سيكون سبباً لانعقاد مسؤولية الطبيب(30) .
ومع ذلك ، فان التزام الطبيب بتبصير مريضه يجب ان يقدر على ضوء الحالة النفسية للآخير ، اذ ان ذكر النتائج الضارة قد يؤثر على معنويات المريض ، مما يدفع الطبيب الى اخفاء بعضها او التهوين في ذكرها او سردها بطريقة عامة ، ويقدر القاضي ذلك من خلال وقائع القضية ، فعندما يذكر الطبيب الجراح للمريض مثلاً انه سيقوم باجراء فتح بطنه على شكل حرف ( T ) وبطول ( 10 – 15 سم ) ويدخل الى جوفه... الخ قد يترك انطباع سيء لدى المريض ، ولذلك اعفت محكمة النقض الفرنسية من المسؤولية الطبيب الذي يهون على المريض تلك النتائج الضارة والمحتملة للتدخل الجراحي وذلك بسردها بطريقة سهلة وعامة دون تفصيل او تحديد وذلك مراعاة لحالته النفسية ، ولا يعني تأكيد الطبيب للمريض انه يمكن ان يتحمل بسهولة العملية الجراحية ضمان الطبيب لنتائجها او ان يعد ذلك اخلالاً بالتزامه بتبصير المريض(31) .
بل قضي بان الطبيب غير مسؤول حتى في حالة كذبه العمد على المريض باخفائه حقيقة المرض عليه طالما ان ذلك يلعب دوراً حاسماً في حالته النفسية وبالتالي الجسدية ، وان ذكر الحقيقة لن يكون له أي اثر ايجابي ولا تستلزمه طبيعة العلاج ، بل يمكن على العكس ان يكون له اثرا سلبياً واضحاً(32) .
وقد ذهب اتجاه الى القول بضرورة التفرقة بين الكذب المتشائم ( Le mensonge pessimiste ) وهو ممنوع وبين الكذب المتفائل (Le mensonge optimiste ) وهو مسموح به(33) .
والكذب المتشائم هو الكذب الذي ينطوي على اخفاء العلامات والنتائج الحسنة عن المريض وحمله على الاعتقاد بان هناك علامات او عواقب اكثر خطورة مما اظهرته الفحوص والتحاليل الطبية وهذا الكذب لا يوجد ما يبرره الا اذا وجدت ظروف استثنائية معينة(34) .
فقد قضي بمسؤولية الاخصائي الذي اخفى نتيجة التحاليل التي اجراها على المريضة بعد احالتها عليه من قبل احد الاطباء الذي شك باصابتها بمرض السرطان ، وقد كانت نتيجة التحاليل جيدة ومع ذلك اخبرها بان نتيجة تلك التحاليل ليس في صالحها حتى يحملها على اتباع علاج معين(35) .
اما الكذب التفاؤلي والمسموح به عند انصار هذا الاتجاه فهو الكذب الذي يستهدف مصلحة المريض ، ويؤدي الى تحسين حالته الصحية ، وعدم التأثير على حالته النفسية(36)، وقد وضع العميد كاربونييه ( Carbonnier ) ضابطاً للتفرقة بين الكذب المتفاؤل والكذب المتشاؤم بالنظر الى الهدف والى الوسيلة ، فالكذب لا يكون خطأ موجبا للمسؤولية اذا كان هدفه الوحيد هو مصلحة المريض ، ولكن لا يجب الوصول الى ذلك الهدف عن طريق التدليس او الاحتيال ، فمصلحة المريض هي الاساس ، وعلى ذلك لا يعتبر مخطئاً الطبيب الذي سيشفي المريض عن طريق الكذب(37) .
وتطبيقاً لذلك فان الكذب الذي يهدف الى تضليل المريض وحمله على قبول طريقة معينة للعلاج يريدها الطبيب لهدف مادي او تجريبي فانه يعد سبباً لانعقاد مسؤولية الطبيب(38) .
ولكن اذا ترتب على الكذب اصابة المريض باضرار فان مسؤولية الطبيب تنعقد حتى ولو كان حسن النية ، لانه اخل بالتزامه بتبصير المريض بحقيقة المخاطر التي تترتب على التدخل الجراحي ويقع على الطبيب عبء اثبات ان اخفاء الحقيقة على المريض كان هو الحل الامثل والملائم لعلاج المريض وشفائه(39) .
3.       لا يلتزم الطبيب كذلك باعطاء المريض كل التفاصيل الفنية التي لا يستطيع استيعابها علمياً سواء فيما يتعلق بنتائج المرض او طرق العلاج المستخدمة .
وهذا يعني ان على الطبيب ان يطلع المريض على الخطوط العريضة لمرضه وطبيعة التدخل العلاجي او الجراحي ، دون الدخول في التفاصيل الفنية الدقيقة(40) وان يمده بمعلومات وبيانات مبسطة وواضحة يسهل فهمها بحيث يستطيع على ضوئها ان يتخذ قراره بقبول العملية او رفضها عن بينة وتبصر وعلم تام بحقيقة الامور .
فهو لا يستطيع ان يشرح للمريض كل ما يمكن ان تثيره لديه عملية التخدير او الصدمات الكهربائية طالما ان تلك الطرق من المتعارف علمياً على استخدامها ، حيث يجوز للطبيب ان يستخدم كل الوسائل الطبية المسلم بها طالما انها لم تعد محلاً للتجارب حول صلاحيتها الاولية(41) ، الا انه اذا كانت تلك الوسائل يمكن ان تثير لدى المريض نتائج ضارة خاصة به نظراً لحالته الجسمية فانه ينبغي على الطبيب ان يحيطه علماً بذلك والا اصبح مسؤولاً عن تلك النتائج ولو بذل في ذلك العناية المطلوبة(42) .
ونرى ان اهمية وخطورة التزام الطبيب بتبصير المريض يختلف بحسب شخصية هذا الاخير ، فبعض المرضى بحاجة الى التبصير والارشاد بقدر اكبر من غيرهم ، بحيث يمكن القول بان ضعف المريض او جهله يلزم الطبيب بالتوضيح له وتنويره بقدر اوسع عما لو كان المريض مثقفاً ، ويتسع الفرق لو كانت ثقافته وتخصصه من ذات ثقافة وتخصص الطبيب .  
المبحث الثاني
أساس التزام الطبيب بتبصير المريض وعبء إثباته

بعد ان توصلنا الى ان الطبيب يلتزم بتبصير المريض لتكوين رضا حر مستنير لدى الاخير ، علينا ان نبحث في اساس هذا الالتزام ، وعلى من يقع عبء اثباته على المريض بان يدعي ان الطبيب لم يبصره بنتائج العلاج او التدخل الجراحي ، ام على الطبيب بان يثبت انه قام بتبصير مريضه على الوجه المطلوب ، عليه سنقسم بحثنا الى المطلبين التاليين :-

المطلب الاول :- اساس التزام الطبيب بتبصير المريض .

المطلب الثاني :- عبء اثبات التزام الطبيب بتبصير المريض .
المطلب الأول
أساس التزام الطبيب بتبصير المريض

لقد حاول الفقه تأصيل وتبرير هذا الالتزام ، فتارة يؤسسه على مبدأ حسن النية ، حيث يرى البعض ان التزام الطبيب بتبصير المريض يجد مصدره في مفهوم حسن النية(43).
وتارة يؤسسه الى ان الالتزام بالتبصير يحدد ويكمل نظرية عيوب الادارة ، على اساس ان نظرية عيوب الادارة بمفردها لا تحقق حماية كاملة للمتعاقدين ، لذلك يأتي الالتزام بالتبصير ليكمل هذه النظرية(44) .
وتارة ثالثة يبرر الفقه هذا الالتزام باعتباره التزاماً قبل تعاقدي على اساس انه وسيلة توازن فعالة وجديدة لصور الاخلال العقدي الناشئة عن عقود الاذعان ، حيث يبرز الفقه دور هذا الالتزام في تحقيق المساواة العقدية خاصة بين المحترفين كالاطباء والافراد العاديين كالمرضى ، وهو ما جعل القضاء يفرض التزاماً عاماً على عاتق المتعاقد المحترف(45) .
ونرى ان العقد بين الطبيب والمريض من العقود الخاصة التي يتطلب تنفيذها مراعاة مبدأ حسن النية بالمعنى الضيق وخاصة من جانب الطبيب بحيث ان مجرد سكوته عن تبصير المريض حول نوع المرض وطبيعته ، وكذلك بالنسبة لطريقة العلاج وما يتطلبه من نفقات وما قد يترتب عليه من آثار جانبية والى غير ذلك من الامور الفنية التي يجهلها المريض ، يعد تدليساً من الطبيب يعطي الحق بعد ذلك للمريض في المطالبة بما يراه محققاً لمصلحته ويتمثل ذلك غالباً بالمطالبة بالتعويض ، فمبدأ حسن النية هنا يفرض على الطبيب التزاماً ايجابياً بالصدق والامانة مع المريض ، كما يفرض على المريض التعاون معه باحاطته علماً بجميع تفصيلات التدخل العلاجي او الجراحي ، وبذلك يحل هذا الالتزام الايجابي محل الموقف السلبي المتمثل في عدم الغش او الخداع او التضليل ، ويرى الفقه ان التزام الطبيب بتنوير رضا المريض وتبصير ارادته والذي يستند الى مبدأ حسن النية قبل اجراء التدخل العلاجي او الجراحي من شأنه ان يوجد اساساً قانونياً للمسؤولية التي تنشأ عن الاخلال بالواجبات الاخلاقية مثل الصدق والامانة والاخلاص والثقة العقدية(46) .
بالاضافة الى ذلك فان عدم المساواة والاختلال في المعلومات بين الطبيب وبين المريض لا شك تترتب عليه نتائج متعددة تلقي بظلالها على القانون الذي يحكم العقد ، ومن هنا جاء الالتزام بالتبصير كوسيلة لتحقيق المساواة في المعلومات بين المتعاقدين ، وهذا الالتزام يجد مصدره في تخصص الطبيب وما يحوزه من معرفة ودراية توجب عليه ان يحيط المريض علماً بها حيث ان الاخير يجهل المرض وعلاجه(47) .  
حيث نجد ان هذا الالتزام يعالج سلبية الطبيب بان يحثه على ان يأخذ دوراً اكثر فعالية بان يقدم كل خبرته وتخصصه لصالح المتعاقد معه غير المتخصص .

المطلب الثاني
عبء إثبات التزام الطبيب بتبصير المريض
استقر الرأي على انه يقع على عاتق المريض عبء اثبات قيام الطبيب او الجراح باجراء العلاج او الجراحة دون رضائه ، ويستخلص هذا الرضا من القرائن وظروف الحال(48) .
فهل يمكن تطبيق هذا الرأي على التزام الطبيب بتبصير المريض ؟
بادي ذي بدء نقول ان التزام الطبيب بتبصير المريض هو شرط للحصول على رضا المريض باستثناء الحالات التي ذكرناها مع تبرير كل حالة في المبحث السابق ، وان القول بان عبء الاثبات يقع على عاتق المريض معناه ان على المريض ان يثبت واقعة سلبيةمؤداها انه لم يصدر رضا يجيز للطبيب المساس بجسده وهو امر غاية في الصعوبة في كل الاحوال ، خاصة وان المريض هو الطرف الضعيف في علاقته مع الطبيب ومما يضاعف من صعوبة مهمة المريض امران :-
الامر الاول :- ويتمثل فيما يواجهه من صمت من جانب الطبيب ومعاونيه ، وذلك استناداً الى التزامهم بالمحافظة على السر المهني ، الذي يقتضي منهم عدم الكشف عن أية معلومات تخص المريض او العلاج تكون قد وصلت الى علمهم من خلال المريض او نتيجة عملهم او علاجهم له(49) .  
الامر الثاني :- ويتمثل في صعوبة الاستعانة بالخبراء الذين يواجهون مثلهم مثل المريض في ذلك ، بتمسك الطبيب بالسر المهني ، ومع ذلك فالخبير عليه ان يبحث قدر استطاعته، في الظروف التمهيدية المتعلقة بالاعداد للعمل الطبي ، وملائمة ذلك من اجراءات ، مع التركيز على الاعتبارات التي اوحت بالتدخل وقبوله وتنفيذه ، ويفصل القاضي في الامر متمتعاً بسلطة تقدير ادلة الاثبات ، التي يستعين بها المريض الذي يكون له الحق في اللجوء الى كافة طرق الاثبات في اثبات ما يدعيه(50) .
وبالرجوع الى قضاء محكمة النقض الفرنسية نجدها قد تبنت منذ عام 1951 وحتى 25 / شباط ( فبراير ) / 1997 الرأي الذي يضع عبء الاثبات على عاتق المريض ( الدائن ) على اساس ان المريض قد حصل على التبصير اللازم من الطبيب ، حيث لا يكون من المتصور ان يسلم قيادة نفسه الى هذا الاخير دون ان يكون قد احيط بالحد الادنى من الحقائق عن طبيعة العلاج ومخاطره .
ولكن بعد 25/ شباط / 1997 ، تحول قضاء محكمة النقض الفرنسية ، فقد قدرت المحكمة ان الاصل هو سلامة المريض الجسدية وان هذا الاخير ليس عليه سوى ان يثبت حدوث اخلال بتلك السلامة ، اما الطبيب فيجب عليه ان يثبت انه اجرى التزامه بتبصير المريض بكافة مخاطر التدخل الطبي(51).
وجاء الحكم بمناسبة دعوى تتلخص وقائعها في ان شخصاً كان يعاني من آلام في المعدة ، وقدر الطبيب ان هذه الحالة تستدعي التدخل الجراحي لاستئصال بعض الاورام الموجودة بمعدة المريض المذكورة ، وبالفعل اجرى الطبيب الجراحة مستخدماً المنظار ، الا انه نتج عن ذلك ان اصيب المريض بثقب في امعائه ، رفع المريض دعوى تعويض على الطبيب مستنداً الى انه لم يبصر بالمخاطر المحتملة لهذه الجراحة ، عرضت الدعوى على محكمة الموضوع فقضت بان على المريض ان يثبت ما يدعيه ، ولما عرض الامر على محكمة النقض الغت هذا الحكم مقررة مبدأ جديدا لها ، وهو ان عبء اثبات توافر الرضا يقع على عاتق الطبيب ، وقد استندت محكمة النقض الفرنسية في هذا الحكم على نص المادة ( 1315 ) من القانون المدني الفرنسي ، حيث قررت انه ( لما كان الطبيب يقع على عاتقه التزام خاص بالتبصير ، فانه من المحتم عليه ان يثبت انه قد نفذ التزامه)(52).
وجاء في التعليق على هذا الحكم انه يمثل ارتداد الى قضاء قديم منذ اكثر من نصف قرن وغير معترف به من جانب محكمة النقض منذ سنة 1951 وان هذا الرجوع الى الوراء قد يمثل تقدما من الناحية القانونية ، كما انه يمثل تقوية لجانب المريض في مواجهة الطبيب وان نقل عبء الاثبات والقاءه على عاتق الطبيب يتفق مع التطور الذي نلاحظه الآن لصالح الالتزام بالتبصير(53) .
وهذا يعني من خلال حكم المحكمة المتقدم ، ان التزام المريض بتبصير مريضه هو التزام بتحقق نتيجة وليس بوسيلة بصرف النظر عن المسلك الذي يسلكه المريض بعد ذلك ، أي سواء استمع الى نصيحة الطبيب واتبع مشورته ام لا ، فيكفي ان يبذل نصيحته الى المريض طبقاً لمعيار الشخص المعتاد في تنفيذ التزامه بالتبصير لينجو من أي لوم او اتهام بالتقصير او الاهمال .
أي اننا امام الالتزام بالتبصير يمكن ان نفرق بين مرحلتين(54) :-  
المرحلة الاولى :- وتتعلق ببذل النصيحة واعطائها للمريض ، أي بالعمل المادي المتمثل في تبصير الطبيب لمريضه فهنا يقع عليه التزام بالقيام بعمل محدد وهو التبصير ، أي يلتزم بتحقيق نتيجة تتمثل في هذا الفعل المادي الصادر على شكل نصيحة او استشارة او ايضاح .
المرحلة الثانية :- وتتعلق بتنفيذ النصيحة او المشورة او الارشاد من جانب المريض ، فهنا لا يقع على الطبيب أي التزام ، اذ ان المريض غير مجبر من الناحية النظرية على اتباع ارشادات ونصائح الطبيب بل وله امكانية مخالفتها او عدم العمل بها وليس للطبيب أي علاقة او سيطرة على سلوك المريض ، وبذلك لا يوجد عليه التزام بوسيلة ولا التزام بنتيجة .
وفي حكم حديث لمحكمة النقض الفرنسية(55) ، وسعت فيه نطاق الالتزام بنتيجة واكدت على ان العقد المبرم بين المريض والطبيب يلقي على عاتق الاخير التزاماً بضمان السلامة فيما يتعلق بالادوات التي يستعملها من اجل تنفيذ العمل الطبي المتعلق بالكشف او العلاج ، والمطلوب من المريض الاشارة الى اصل الضرر الذي اصابه ، ومعنى هذه العبارة الاخيرة ، ان عبء الاثبات يلقى على عاتق الطبيب ، اذ يكتفي من المريض الادعاء بوجود الضرر الناتج عن استعمال هذه الاشياء – ليتعين – على الطبيب نفي وجود الضرر ، او عزوه الى السبب الاجنبي او القوة القاهرة التي منعته من تنفيذ التزامه بتحقيق النتيجة وهي ضمان سلامة الادوات .
ويأتي هذا الحكم تدعيماً لفكرة المسؤولية العقدية عن الاشياء التي يستخدمها المتعاقد في تنفيذ التزاماته العقدية ، وذلك بخلاف المسؤولية الموضوعية عن الاشياء التي قررها المشرع العراقي في المادة ( 231 ) مدني وما بعدها ، ومعلوم الفرق بين النوعين من المسؤولية ، اذ يتعين اثبات عناصر المسؤولية العقدية عن الاشياء من خطأ وضرر وعلاقة سببية ، بينما يكتفي في المسؤولية الموضوعية عن الاشياء التي يفترض قيامها في حالات عدم وجود عقد باثبات الضرر ليفترض الخطأ .   
المبحث الثالث
تطبيقات الالتزام بالتبصير في بعض المجالات الطبية

بعد ان بينا الاساس الذي يقوم عليه التزام الطبيب بتبصير المريض وعلى من يقع عبء اثباته ، سنحاول في هذا المبحث دراسة هذا الالتزام في بعض المجالات الطبية التي يكون تطبيقه فيها اكثر من المجالات الاخرى .
واهم مجال لتطبيق هذا الالتزام هو وصف العلاج واجراء العمليات الجراحية ، ولكن اهمية هذا الالتزام تختلف باختلاف تأثيرات العلاج وخطورة العملية الجراحية ، فاجراء عملية جراحية للزائدة الدودية مثلاً لا تحتاج الى تبصير للمريض بدرجة وخطورة اجراء عملية زرع كلى مثلاً .
عليه سنحاول دراسة هذا الالتزام في ثلاث مجالات مهمة في الوقت الحاضر وهي:-
المطلب الاول :- التزام الصيدلي والطبيب بتبصير المريض في وصف العلاج واستخدامه .
المطلب الثاني :- التزام جراح التجميل بتبصير المريض .
المطلب الثالث :- التزام الجراح بتبصير المريض في مجال زرع الاعضاء البشرية .

المطلب الأول
التزام الصيدلي والطبيب بتبصير المريض في وصف العلاج واستخدامه

من المتفق عليه في الفقه ان الصيدلي لا يعد بائعاً للادوية فحسب ولكنه مهني يعلم اخطار الدواء وفائدته(56) ، ولذلك فقد اوجبت قواعد الحيطة العامة والخاصة على الصيدلي التزامه بتبصير المريض بكيفية استخدام المستحضر ووقت استخدامه وعدد مرات الاستخدام ، وان كان ذلك مبيناً في التذكرة الطبية ، والآثار التي قد تترتب على هذا الاستخدام وخاصة اذا كان في المستحضر نسبة مخدر ، وموانع استخدام الدواء اذا كانت مستخدمة الدواء حاملاً ولا يجوز لها استخدام مستحضر معين لتأثيره على حياة الجنين او يؤدي الى اسقاطها سواء كان مشاراً اليه في نشرة المستحضر ام لا ، او اذا تعلق الامر باستخدام مضادات حيوية وما يحدث كذلك من تفاعلات واخطار نتيجة استخدام اكثر من مستحضر متعارض ، وعليه ان ينبه الطبيب الى ذلك ، فقد يقوم المريض بالكشف الطبي عند اكثر من طبيب ويصف له كل طبيب دواءا مختلفا عن الآخر ولكن قد يوجد بين نوعين من هذه المستحضرات تفاعلات تؤدي الى تسمم او فقد منفعة احداهما ، فهنا يلتزم الصيدلي بتبيه الطبيب الذي يحدث مستحضره ذلك ولا يصرفه للمريض(57) . 
وهذا الالتزام يقع على عاتق الصيدلي سواء كان المريض متعلماً او جاهلاً ولكن لا تتساوى اهمية التزام الصيدلي بالتبصير في مواجهة شخص امي لم يتلق نصيباً من التعليم بشكل عام او من التعليم الفني بوجه خاص مع اهميته تجاه شخص توافر له حظ من التعليم في المجال الصيدلي او الطبي بشكل عام ، ويكون التزام الصيدلي بالتبصير اكثر اهمية وضرورة اذا كان الامر يتعلق ببيع ادوية دون وصفة ( تذكرة ) طبية وفقاً لما يحدث في العراق حيث يسمح ببيع الادوية دون وصفة طبية وخاصة المضادات الحوية لما لها من آثار ضارة على صحة الانسان(58) .
ويقتضي الوفاء بهذا الالتزام ان يقوم الصيدلي بكتابة طريقة الاستعمال وعدد مراته وكيفية استعمال الدواء اذا كان يقتضي خلطه بمحلول آخر او ماء مقطر او رجه او غير ذلك .
ويترتب على اخلال الصيدلي بهذا الالتزام مسؤوليته المدنية اذا ترتب على استعمال الدواء او المستحضر اضرار بالمريض كالاعاقة او الاجهاض او الوفاة وفقاً للنتيجة التي تترتب على اهماله في الالتزام بهذا الواجب .
وبالمقابل فان الطبيب الذي يوصف او يستخدم مادة معينة لعلاج مريض لا يتناسب وحالته او يلحق به ضرر ولم يبصره الطبيب بذلك يكون مسؤولاً تجاه هذا المريض على اساس اخلاله بالالتزام بتبصير المريض ، فالطبيب الذي استخدم مادة معينة لعلاج عين مريض رغم ما بها من حساسية خاصة والتي يمكن ان تتعارض مع استخدام هذه المادة الفعالة ، فيترتب على ذلك فقد المريض لعينه ، يعتبر مسؤولاً رغم فعالية المادة  المستخدمة من جهة وعدم ارتكاب أي خطأ او اهمال في العمل الجراحي من جهة اخرى، لانه لم يحط المريض علماً بمدى الخطورة المحتملة لاستخدام المادة المذكورة حتى يكون على بينة بذلك ويقرر بحرية قبول العلاج من عدمه لاسيما ان الامر يعد ذا حيوية خاصة بالنسبة له لانه لا يرى الا بهذه العين المفقودة نظراً لسبق فقده الاخرى ، ومن ثم فان تقدير مدى خطورة العلاج بالنسبة له يأخذ اهمية كبرى(59) . 

المطلب الثاني
التزام جراح التجميل بتبصير المريض

يكتسب الرضا ، في مجال التجميل ، اهمية خاصة ، فهي جراحة لا يعتريها أي مظهر من مظاهر الضرورة او الاستعجال ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ، فان جراحة التجميل لا يقصد بها شفاء المريض من علة في جسمه وانما اصلاح تشويه لا يعرض حياته لاي خطر(60) .  
لذا فان واجب الطبيب تبصير المريض وامداده بكافة البيانات المتعلقة بالعملية ، وان يكون ذلك بعبارات يسهل ادراكها وفهمها بحيث تسمح للمريض بان يتخذ قرارا وهو على بينة من امره .
واذا كان الطبيب لا يلتزم سوى بتبصير المريض عن الاخطار المتوقع حدوثها عادة ، فان الامر يختلف بالنسبة لعمليات جراحة التجميل التي تحتم على الطبيب ان يفصح للمريض عن ادنى خطر قد تنطوي عليه مثل هذه العمليات حتى يأتي قبوله لها عن وعي كامل وادراك مستنير(61) .
وقد بلور هذا الاتجاه ، وبشكل واضح ، القضاء الفرنسي ، ففي حكم صادر عن محكمة السين تتلخص وقائعه في ان سيدة كتبت الى طبيب تجميل تسأله بعض المعلومات الصحيحة وبغير حرج عن آثار عملية جراحة التجميل وهل تستطيع بعد اجراءها ان تعيش حياتها العادية ؟ وهل هناك مخاطر محتملة لاجراء العملية ؟ وقد اجاب الطبيب بالقول بانه سبق ان اجرى العديد من العمليات الناجحة في هذا الشأن وان مثل هذه العمليات تقتضي الراحة لمدة خمسة عشر يوماً . وقد اجريت العملية بالفعل على المريضة التي ترتب عليها اصابة هذه الاخيرة ببعض الاضرار ، وقررت المحكمة بوجوب مساءلة الطبيب عن هذه الاضرار واستندت في ذلك ان اجابات الطبيب لم تنطو على ايضاح كافٍ وان ما ذكره الطبيب بالتالي لم يكن وافياً حتى يتسنى للمريضة اعطاء رضاها المستنير(62).
وفي حكم آخر لمحكمة النقض الفرنسية(63) تتلخص وقائعه في ان سيدة تبلغ من العمر ستة وستين عاماً ابرمت مع جراح تجميل اتفاقاً مؤداه التزامه ان يجري لها عملية جراحية لازالة الغضون والحبوب الموجودة في اسفل عينها ، وقد انتهت هذه العملية باصابة العين اليمنى للمريضة بفقد البصر ، وقررت محكمة النقض في هذا الشأن ( ان الطبيب لا يلتزم باخبار المريض الا عن الاخطار المتوقعة عادة ، فاذا كانت مخاطر العمل الجراحي تافهة بالنسبة لمباشرة جراحة معينة ، فان الطبيب لا يسأل عن عدم الافصاح عن المخاطر النادرة للعملية ، ولكن اذا تعلق الامر بعملية جراحة تجميل ، فان مخاطرها مهما كانت نادرة الحدوث يجب ان يعلن عنها للمريض حتى يكون رضاؤه وقراره باجراء الجراحة من عدمه صادرين عن وعي كامل ومستنير ذلك ان الامر لا يتعلق بعلاج مريض ، ولكن مجرد اصلاح عيب بسيط لدى سيدة بلغت من العمر ستة وستين عاماً ) .
المطلب الثالث
التزام الجراح بتبصير المريض في مجال زرع الأعضاء
يحتل التزام الطبيب بتبصير المريض مكانة مهمة في عمليات علاجية ظهرت حديثة نسبياً ، وهي عمليات زرع الاعضاء ونقلها من انسان الى آخر يتوقف شفاؤه على هذا العضو ، واياً كان الرأي حول مشروعية هذه العمليات وقانونيتها ، فان الجراح ملزم بان يوضح للمريض طبيعة عملية الزرع التي ستجري ومخاطرها ونتائجها المحتملة ، كما يجب ان يوضح له ان لا سبيل لانقاذ حياته سوى استخدام وسائل علاجية جديدة تتمثل في عملية زرع عضو له ،وذلك لعجز الوسائل العلاجية التقليدية وعدم فعاليتها في مثل حالته الصحية(64) ، ويتعين عليه ان يخطره بان حياته ستكون مهددة بعد اجراء عملية زرع كلية او قلب له ، اذا لم يتم السيطرة على ظاهرة رفض جسمه للعضو الجديد ، وان هناك امكانية اجراء عملية زرع اخرى اذا ما فشلت العملية الاولى ، وان يبصر المريض بانه سيصبح مجبراً بعد عملية الزرع على تناول ادوية تقليل المناعة الطبيعية ( سيكلوسبورين والآسيوران ، الكورتيزون ) ولا يمكنه الاستغناء عنها طوال حياته لمقاومة طرد الجسم للعضو الغريب الذي تمت زراعته فيه ، وتسبب هذه الادوية مضاعفات خطيرة على جميع اجهزة الجسم(65) .
واذا كان المريض في مجال التدخل الجراحي العادي يثق في الطبيب ويترك له حرية اختيار الوسائل العلاجية والطرق الفنية اللازمة لاجراء هذا التدخل وفقاً للاصول العلمية المتعارف عليها ، ومن ثم فليس من الضروري اخباره بجميع التفاصيل الفنية ، فانه في مجال عمليات زرع الاعضاء ، يلتزم الجراح باخطار المريض بالحقيقة الكاملة ، لان المريض يتحمل جزءا من المسؤولية فهو يشارك الجراح في الاختيار وفي اتخاذ القرار .
كما يجب على الجراح ان يخطر المريض بالتضحيات والمخاطر التي سيتحملها المعطى ( المتبرع ) من جراء استئصال جزء من جسمه ، والفوائد التي ستعود عليه من جراء عملية الزرع حتى يستطيع ان يقرر بعد هذه المقارنة ، وحتى لا يشعر بالذنب تجاه المتبرع بانه هو السبب في حرمانه من جزء من جسمه .
وجدير بالذكر ان المادة ( 31 ) من قانون اخلاقيات مهنة الطب في فرنسا تنص على الالتزام بتبصير المريض عند اجراء عملية على درجة كبيرة من الخطورة في حين تنص المادة ( 34 ) من نفس القانون على وجوب المحافظة على صحة المريض التي تتطلب اخفاء عواقب المرض الخطيرة عنه ، لذلك يجب على الطبيب الجراح لتحقيق الموازنة بين حق المريض في التبصير وبين المحافظة على صحته ، ان يخفي بعض النتائج والمخاطر التي تؤثر على حالته النفسية وتهبط بروحه المعنوية(66) .
وكما يلتزم الطبيب بتبصير المريض الذي يتم الزرع لمصلحته ، فانه يلتزم كذلك بتبصير المتبرع او الواهب ، فقد اجمعت التشريعات القانونية المقارنة على اهمية تبصير الواهب تبصيراً كاملاً شاملاً لجميع المخاطر الجراحية المترتبة على عملية الاستقطاع الحالة منها والمستقبلة(67) . 
وان الالتزام بتبصير المتبرع يشمل جميع النتائج المحتملة للاستئصال سواء من الناحية التشريحية او من الناحية النفسية ، وكذلك المخاطر المحتملة لهذا الاستئصال سواء بالنسبة لحياته الشخصية او الاسرية او المهنية ، كما يشمل ايضاً النتائج التي تترتب على عملية الزرع والمصلحة التي تعود على المريض منها(68) . 
والحصول على رضا الواهب يجب ان يسبقه شرح وافٍ من قبل الطبيب حول موضوع ومخاطر العملية ونتائجها الآنية والمستقبلة سواء على الصعيد الفيزيولوجي والاجتماعي والمالي(69) .
واذا كان الطبيب الجراح لا يلتزم باطلاع المريض على جميع المخاطر التي تترتب على العملية الجراحية التي تجرى له ، مراعاة لحالته النفسية فان الوضع يختلف بالنسبة للواهب ، لان اطلاعه على الحقيقة الكاملة بجميع المخاطر التي سيتعرض لها من العملية ، لن يؤثر على حالته النفسية لانه ليس بمريض فالعملية تتم ليس لمصلحته وانما لمصلحة شخص آخر(70) .  


الخــاتمة
في نهاية بحثنا الموسوم ( التزام الطبيب بتبصير المريض ) لا يفوتنا الا ان نسجل اهم النتائج والمقترحات التي توصلنا اليها من خلال بحثنا وهي :-
1.       اصبح موضوع الرضا المتبصر من الموضوعات القانونية الهامة والحديثة في علاقة الطبيب والمريض ، ويعني هذا المبدأ ان على الطبيب ان يوضح للمريض المعلومات الاساسية والكافية حول حالته الصحية والاعمال التي يقترح تنفيذها سواء ما يتعلق بالتشخيص ام العلاج ام وسيلة التنفيذ والاهداف المتوقع ان تتحق والمضاعفات والآلام المحتملة حتى يستطيع المريض ان يختار ما يراه محققاً لمصلحته .
2.       ويترتب على النتيجة الاولى ان التزام الطبيب بتبصير المريض قد اصبح من الالتزامات المسلم بها ، وبالتالي لا يمكن قبول الرأي الذي ينكر هذا الالتزام ، وبالمقابل لا يمكن قبول الرأي الذي يقول بالتزام الطبيب بتبصير المريض على اطلاقه، بل لابد ان يحكم هذا الالتزام بعض الحدود ولعل اهمها :-
‌أ.        ان الطبيب غير ملزم بتبصير المريض عن النتائج النادرة او القليلة الاحتمال والتي قد تنشأ عن حالات خاصة بالمريض ويندر وجودها لدى عامة الناس .
‌ب.       الاصل انه لا يقبل من الطبيب الكذب على المريض بهدف حمله على قبول تدخل علاجي او جراحي لا تستدعيه حالته ، ومع ذلك فان الكذب الذي يستهدف مصلحة المريض ويؤدي الى تحسين حالته الصحية ، وعدم التأثير على حالته النفسية يمكن ان يكون سبباً لعدم مسؤولية الطبيب بشرط عدم اصابة المريض باضرار نتيجة هذا الكذب .
‌ج.       ان التزام المريض بتبصير المريض يختلف بحسب شخصية الاخير فبعض المرضى بحاجة الى التبصير والارشاد بقدر اكبر من غيرهم ، وتقل اهمية هذا الالتزام كلما اقتربت ثقافة المريض من ثقافة الطبيب وتخصصه بل تنعدم اذا كانت ثقافة المريض وتخصصه من نفس ثقافة الطبيب وتخصصه .
3.       ان العقد بين الطبيب والمريض من العقود الخاصة التي يتطلب تنفيذها مراعاة مبدأ حسن النية بالمعنى الضيق وخاصة من جانب الطبيب بحيث ان مجرد سكوته عن تبصير المريض حول نوع المرض وطبيعته ، او طريقة العلاج وما يتطلبه من نفقات وما قد يترتب عليه من آثار جانبية والى غير ذلك من الامور الفنية التي يجهلها المريض ، يعد تدليساً من الطبيب يعطي الحق بعد ذلك للمريض في المطالبة بالتعويض .
4.       يجب اعتبار التزام الطبيب بتبصير المريض ، التزاما بتحقيق نتيجة وليس التزاما ببذل عناية ، حيث يجب على الطبيب ان يثبت انه نفذ هذا الالتزام بتبصير مريضه على الوجه المطلوب والا تحققت مسؤوليته .
5.       واخيراً نود تسجيل المقترح التالي :- لا زالت المسؤولية الطبية في العراق بجميع صورها بالطور البدائي ، ولهذا نادراً ما نعثر على قرار قضائي بخصوص المسؤولية الطبية ، ولذلك نقول آن الاوان في وضع الحدود بين ما للمواطن من حقوق وما عليه من التزامات وتوضيح الطريق السليم امام المضرور او من يدعي بوجوده وهو اللجوء الى القضاء العادي ، لاسيما بعد صدور الدستور الدائم للبلاد وما تضمنه الباب الثاني منه من احكام تتعلق بحقوق الافراد وحرياتهم ، فكثيراً ما تنشر الصحف اليومية بين فترة واخرى بعض الاخطاء الطبية الجسيمة كنسيان المقص في بطن المريض او قطعة القطن في المثانة او رفع غضاريف الركبة او وصف دواء يترك آثارا جانبية خطيرة او اهمال الكادر الطبي ووضع المولود حديث الولادة في صندوق القمامة رغم ولادته حياً الخ(71) .
فنحن بحاجة الى اعادة النظر في تطبيق احكام المسؤولية الطبية في العراق ، ولعل وجود مثل هذا البحث في هذا الوقت قد يعتبر من قبل الترف الفكري الغير متصور التطبيق في الواقع الحالي ، ولكنها دعوة مخلصة الى تطبيقه ، خصوصاً ونحن نعيش عصرا جديدا يجب ان تحترم فيه حقوق الافراد وحرياتهم .
6.       وجوب صدور تشريعات تنص صراحةً على تبصير المريض خصوصاً في العمليات الجراحية وعمليات زرع الاعضاء ، والنص صراحةً على وجوب تبصير الواهب (المعطي ) لعضو من جسمه بما يترتب على تبرعه اسوة بالتشريعات المقارنة .


الهوامش

1-د. بابكر الشيخ : المسؤولية القانونية للطبيب ، الحامد للنشر والتوزيع ، عمان ، الاردن ، ط1 ، 2002 ، ص82 ؛ د. احمد شوقي عمر ابو خطوه : القانون الجنائي والطب الحديث ، دار النهضة العربية ، 1999 ، ص110 .
2- اشرف جبر : التأمين من المسؤولية المدنية للاطباء ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق / جامعة حلوان ، 1999 ، ص39 وما بعدها
3-د. ابراهيم الصياد : حقوق المريض على الطبيب ، مجلة الحقوق والشريعة ( الكويت ) ، س (5) ، ع2 ، يونيو 1981 ، ص31 .
4-د. حسام الدين الاهواني : المشاكل القانونية التي تثيرها عمليات زرع الاعضاء البشرية ، دراسة مقارنة ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1975 ، ف58 ، ص88 .
5-د. بابكر الشيخ : المصدر السابق ، ص83 .
6-د. احمد شوقي عمر ابو خطوة : المصدر السابق ، ص111 .
7-Savatier , Auby et pequignot : Traite de droit medical , Paris Librairies Techiques , 1956 , p . 269 .
8-P.D.G. Skegg : Law Ethics and medicine , oxford , clarendon press , 1990 , p. 252 .
9-Savatier , Auby , Pequignot : op . cit n251 .
10-د. بابكر الشيخ : المصدر السابق ، ص84 .
11-د. احمد شوقي عمر : المصدر السابق ص81.
12-د. حسام الدين الاهواني : المصدر السابق ، ف 61 ، ص95 .
13-انظر المادة 134 من القانون المدني العراقي .
14-د. حسام الدين الاهواني : المصدر السابق .
15-نفس المصدر .
16-Cass. Civ 19 mai 1951 . D . 1952 . 53 , note  R. Savatier ; Paris 11 mars 1966 . J.C.P . 1966 . 14716 , note R. Savatier ; cass . civ . 23 mai 1973 , J.C.P. 1975 , 17955 .
17-Cass . civ . 27 oct 1953 , D. 1953 . 658 .
18-Paris 11 mars 1966 . J.C.P. 2 . 14716 , note  R. savatier .
19-Paris , 7 mars 1952 , J.C.P. 1952 – 2 – 7210 , note J. carbonnier ; savatier , Auby et pequignot :-                                                                     op. cit ,  n 270 ; cass . civ 28 dec . 1954 . D. 1955 , 249 , note R. Savatier .
20-Ian kennedy and Andrew grubb : Medical law , text and Materials , london , butter worth, 1989, p.243.
21-ايهاب يسر : المسؤولية المدنية والجنائية للطبيب ، رسالة دكتوراه ، جامعة القاهرة / كلية الحقوق ، 1994 ، ص44 وما بعدها .
22-نفس المصدر .
 
23-نفس المصدر ، ص51 .
24-I . Kennedy and Grubb : op . cit ,p . 241 .

25-المصدر السابق .
26-د. محمد حسين منصور : المسؤولية الطبية ، منشأة المعارف باالاسكندرية ، بدون سنة طبع ، ص34 ، وايضاً
Lyon , 6 nov . 1961, D . 1972 . 55 .
27-cass . civ . 14 avril 1961 . Gaz . pal . 1961 .2 . 53 .
28-I. Kenndey and Grubb : op . cit , p . 241 .
29-Lyon . 27 nov . 1952 . D . 1953 . 253 , note Gervesie .
30-Cass . civ . 17. oct . 1953 , D . 1953 . 658 .
31-Civ . 14 avril . 1961 D . 1961 . 108 .
32-Paris : 7 mars 1952 , J . c . p . 1952 note J . carbonnier .
33-J . carbonnier : note precitee .
34-J . carbonnier : not precitee .
35-J . carbonnier : note precitee .
36-Ian kenndey and Grubb : op . cit , p . 240
37-J. Carbonnier : note precitee .
38-J . carbonnier : note precitee.
39-J.Carbonnier : note  precitee.
40- Aix :14 fev 1950, D-1950-32.
                                                                                                41-د. محمد حسين منصور : المصدر السابق ، ص35-36 .
42-Civ . 8 nov . 1956 , D – 1956 – 3 .
43-J . ALISSE : L'obligation de renseignements dans Les contrats : These , paris , II , 1975 , p. 35 .
44-V . Boyer : L'obligation de renseignements dans la formation de contrat , presses universitaires d'Aix – Marseille , 1978 , p . 28 .
45-J . Ghestin : Traite de droit civil , la formation de contrat , L . G . D . J , 3' ed , 1993 , N 141 , p . 119 ets .
46-MAGNIN : Reflexions critiques sur une extension possible de la notion de dol dans la format ion des acts Juridique . J . C . P . 1976 , 1 , 2780 , no . 41 .
47-Michel de Juglart : L'obligation de renseingnements dans les contrats , R . T. D . C , 1942 , p . 2 .
48- محمود محمود مصطفى : مسؤولية الاطباء والجراحين الجنائية ، مجلة القانون والاقتصاد ، يونيو 1948 ، ص28 .
49- د. بابكر الشيخ : المصدر السابق ، ص87 .
50- د. بابكر الشيخ : نفس المصدر .
51-Cass civ . 1 eme 25 – 2 – 1997 . In R.T.D. san soci – 1997 , p . 288 – 292 , note L. Dubois .
52- Le medecin est tenu d'une obligation particuliere d'information vis – a – vis de son patient et il lui incombe prouver qu'il a execute cette obligation .
53-Louis Dubois : Note precitee .
54- اذ من المعلوم ان العنصر المهم الذي يحكم تقسيم الالتزام الى التزام بنتيجة وآخر بوسيلة هو عبء الاثبات ، فالقاعدة العامة في الاثبات ان   ( البينة على من ادعى واليمين على من انكر ) فعلى من يدعي مسؤولية شخص آخر ان يثبت اركان هذه المسؤولية ( وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية ) ففيما يتعلق باثبات المسؤولية الناشئة عن الاخلال بالتزام بنتيجة يكتفي من الدائن ان يثبت ان النتيجة التي رمى اليها من انشأ الرابطة القانونية لم تتحقق فاذا ادعى مدينه انه قام بتنفيذ التزامه كان عليه ( أي على هذا المدين ) اثبات ما يدعيه ، اما اذا كان التزام المدين التزاماً بوسيلة فان عبء الاثبات يلقى على عاتق الدائن الذي يلتزم بان يثبت ان هذا المدين لم يبذل القدر المطلوب من العناية – د. حسن علي الذنون : اصول الالتزام ، بغداد ، ص15 – 16 . 

55- Cass , civ 1 , 9 – 11 – 1999 , D , 2000 , p . 117 .
56- د. اسامة عبد الله قايد : المسؤولية الجنائية للصيادلة ، دار النهضة العربية ، مصر ، ط1 ، 1992 ، ص87 .
57- د. اسامة عبد الله قايد : المصدر السابق ، ص88 .
58- بل برزت منذ عقد التسعينات من القرن الماضي وبسبب الحصار الاقتصادي وما خلفه من آثار ظاهرة بيع الادوية من قبل اناس يفترشون الارصفة او من قبل الممرضين وكثراً ما حدث حالات وفاة بسبب بيع ادوية من قبل الممرضين ولكنها تبقى طي الكتمان
59- Nice 16 Jan . 1954 . D . 1954 , 178 .
60- د. منذر الفضل : المسؤولية الطبية في الجراحة التجميلية ، المكتبة القانونية ، عمان ، ط1 ، 2000 ، ص84 ؛ و د. محمد حسنين منصور : المصدر السابق ، ص76 .
61- د. محمد سامي الشوا : مسؤولية الاطباء وتطبيقاتها في قانون العقوبات ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002 – 2003 ، ص168 .
62- T. Civ . seine 25 \ 6 \ 1951.
اشار اليه  د. محمد سامي الشوا : المصدر السابق ، ص169 .
63- اشار اليه  د. محمد سامي الشوا : نفس المصدر ، ص169 – 170 .
64- د. حسام الدين الاهواني : المصدر السابق ، ف72 ، ص112 .
65- د. عبد الرحمن العدوي : تحذير شامل من عمليات نقل الاعضاء ، بحث منشور في مجلة منبر الاسلام ، السنة 51 ، العدد 18 ، شعبان 1412 / شباط 1993 ، ص85 .
66- مع ملاحظة ان قانون مهنة الطب في فرنسا لا يعدو ان يكون مجرد لائحة تحتوي على مجموعة من القواعد والمبادئ التقليدية التي تحدد اخلاقيات مهنة الطب والتي لا يستعان بها الا في المجال التأديبي للمهنة ، وعلى ذلك فان احكام هذه اللائحة لا تقيد قانون المحاكم الجنائية والمدنية في دعاوي المسؤولية الطبية التي تقام امامها :-
R.J. Savatier ,J.M. Auby et H. Pequignot :op . cit , p . 16 et s .

67-  انظر على سبيل المثال : المادة ( 1 ) من القانون الدنماركي رقم 246 الصادر في 9 / 6 / 1967 التي تنص على وجوب اخبار المعطى بواسطة الطبيب عن طبيعة العملية الجراحية ونتائجها والمخاطر المرتبطة بها ويجب على الطبيب ان يتأكد بنفسه من ان المعطى قد ادرك جيداً فحوى المعلومات الممنوحة له ؛ وايضاً المادة ( 1 ) من القانون الايطالي رقم ( 457 ) في 26 / يونيو / 1967 ، وفي فرنسا اشار القانون رقم 76 – 1181 الصادر في 22 / ديسمبر / 1976 على وجوب اخبار المعطى بالنتائج المحتملة والمترتبة على قراره- د. محمد سامي الشوا : المصدر السابق ، ص 320 – 321 .

68- المادة ( 1 ) من المرسوم 501 الصادر في 31 / 3 / 1978 – الصادر تنفيذاً لقانون  23 / ديسمبر /  1976 الفرنسي .
69- جاء ذلك في التوصيات النهائية لمؤتمر بيروجيا والمنعقد للفترة 3 – 13 / 7 / 1969 – اشار اليه  د. رياض الخاني في مقالته " المظاهر القانونية لعمليات نقل وزرع القلب والتصرف باعضاء الجسم البشري " المنشورة في المجلة الجنائية القومية ، العدد ( 1 ) ، المجلد (  14 ) ، مارس 1971 ، ص27 .
70- د.حسام الدين الاهواني :المصدر السابق ، ف73 ، ص113 .
71- د. منذر الفضل : المصدر السابق ، ص87 .


مصادر البحث
المصادر العربية

اولا:الكتب:
1-د. احمد شوقي عمر ابو خطوه : القانون الجنائي والطب الحديث، دار النهضة العربية ،1999 
2-د. اسامة عبد الله قايد : المسؤولية الجنائية للصيادلة، دارالنهضةالعربية ، مصر ، ط1 ، 1992.
3- د. بابكر الشيخ : المسؤولية القانونية للطبيب ، الحامد للنشر والتوزيع ، عمان ، الاردن ، ط1 ، 2002.
4- د. حسام الدين الاهواني : المشاكل القانونية التي تثيرها عمليات زرع الاعضاء البشرية ، دراسة مقارنة ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1975.
5– د. حسن علي الذنون : اصول الالتزام، بغداد،بدون سنة طبع.
6- د. محمد حسين منصور : المسؤولية الطبية ، منشأة المعارف باالاسكندرية ، بدون سنة طبع.
7-د. محمد سامي الشوا : مسؤولية الاطباء وتطبيقاتها في قانون العقوبات ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002 – 2003.
8- د. منذر الفضل : المسؤولية الطبية في الجراحة التجميلية ، المكتبة القانونية ، عمان ، ط1 ، 2000 .
الرسائل
1- اشرف جبر : التأمين من المسؤولية المدنية للاطباء ، اطروحة دكتوراه ، كلية الحقوق / جامعة حلوان ، 1999
2-ايهاب يسر : المسؤولية المدنية والجنائية للطبيب ، رسالة دكتوراه ، جامعة القاهرة / كلية الحقوق ، 1994.
البحوث والمقالات
1- د. ابراهيم الصياد : حقوق المريض على الطبيب ، مجلة الحقوق والشريعة ( الكويت ) ، س (5) ، ع2 ، يونيو 1981.
2-د. رياض الخاني في مقالته " المظاهر القانونية لعمليات نقل وزرع القلب والتصرف باعضاء الجسم البشري " المنشورة في المجلة الجنائية القومية ، العدد ( 1 ) ، المجلد (  14 ) ، مارس1971.
3-د. عبد الرحمن العدوي : تحذير شامل من عمليات نقل الاعضاء ، بحث منشور في مجلة منبر الاسلام ، السنة 51 ، العدد 18 ، شعبان 1412 / شباط 1993.
4-محمود محمود مصطفى : مسؤولية الاطباء والجراحين الجنائية ، مجلة القانون والاقتصاد ، يونيو 1948 ، ص28

المصادر الأجنبية
Ouvrages generaux et theses:                    
1-J . ALISSE : L'obligation de renseignements dans Les contrats : These , paris , II , 1975.
2-V . Boyer : L'obligation de renseignements dans la formation de contrat , presses universitaires d'Aix – Marseille , 1978.
3- J . Ghestin : Traite de droit civil , la formation de contrat , L . G . D . J , 3' ed , 1993.
4-Ian kennedy and Andrew grubb : Medical law ,text and Materials , london , butter worth, 1989.
5-Savatier , Auby et pequignot : Traite de droit medical , Paris Librairies Techiques , 1956.
6-P.D.G. Skegg : Law Ethics and medicine , oxford , clarendon press , 1990.
Etudes Particulieres:
1-MAGNIN : Reflexions critiques sur une extension possible de la notion de dol dans la format ion des acts Juridique . J . C . P . 1976 , 1 , 2780.
2-Michel de Juglart : L'obligation de renseingnements dans les contrats , R . T. D . C , 1942 , p . 2 .
Notes:
1-J. carbonnier : note  sous Paris , 7 mars 1952 , J.C.P. 1952 – 2 – 7210 .
2-R. Cavalier  : note  sous cass . civ 28 dec . 1954 . D. 1955 , 249.
3-L. Dubois: note  sous  Cass civ . 1 eme 25 – 2 – 1997 . In R.T.D. san soci – 1997 , p . 288 – 292.
4-Gervesie  : note  sous Lyon . 27 nov . 1952 . D . 1953 . 253.
5-R. Savatier : note  sous Cass. Civ 19 mai 1951 . D . 1952 . 53 , 
6-R. Savatier; note sous  Paris 11 mars 1966 . J.C.P . 1966 . 14716 .




















 

 












  المصدر:
مجلة جامعة ذي قار              العدد 3       المجلد 2               كانون الاول/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق