الثلاثاء، 16 يوليو 2013

الاختصاص الجنائي لهيأة النزاهة في العراق


الاختصاص الجنائي لهيأة النزاهة في العراق

 

  م.د. محمد إسماعيل  
      م.إسماعيل نعمة عبود
   م. د. بهاء الدين عطية عبد الكريم

  


المقدمة
شكل الفساد الإداري وما زال يشكل المعوق الرئيسي لعملية النهوض لأي مجتمع أو بلد، ولم يقتصر الفساد على مجال معين أو بلد محدد أو حتى على حقبة بذاتها، بل يحدثنا التاريخ عن حالات الفساد في كل العصور التي مرت على الإنسانية، وكانت أساليبه تتطور طردياً مع التقدم الحضاري للمجتمعات، وفي القران الكريم إشارة واضحة إلى الفساد والمفسدين في العديد من آياته الشريفة ومنها الآيات* (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ  * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ *)(1)
وتعد ظاهرة الفساد الحكومي من الظواهر الخطيرة التي باتت تتفاقم وتشكل خطرا كبيرا لأمن المجتمع وشل عملية البناء والتنمية لما تنطوي عليها من مخاطر في نخر الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية للدولة وبما يجعلها غير قادرة على مواجهة تحديات أعمال إعادة الأعمار وبناء البني التحتية. فهي توازي ما يرتكب من جرائم الإرهاب من حيث أثرها على المجتمع .
وبعد احتلال العراق وإسقاط النظام السياسي فيه عام 2003 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والقوى المتحالفة معها دخل العراق إلى دوامة الفساد الحكومي مع إقدام الاحتلال على تبديد مليارات الدولارات من الأموال العراقية التي تم الاستيلاء عليها بعد سقوط النظام السابق ، وبعد  تعين (bull breamer) حاكما إداريا للعراق ، استبشر الكثير خيرا عندما قرر هذا الأخير تشكيل مفوضية النزاهة العامة  في العراق والتي أصبحت تعرف الآن (بهيأة النزاهة) لمكافحة الفساد الحكومي بكل أنواعه،إلا إن الواقع لا يشير إلى ذلك حيث نرى بأن تشكيل مثل هذه الهيأة دليل سوء على وصول المجتمع إلى درجة أصبح القانون لا يفي  لمكافحة مثل هذه الجرائم ، فقد كانت الفضيحة مدوية حينما أدرجت منظمة "الشفافية الدولية" في 2006م العراق إلى جانب هايتي وبورما بين أكثر الدول فسادا في العالم.
بالإضافة إلى إن إنشاء ها سيؤدي إلى التقليل من هيبة القضاء ، وعلى كل حال فان هذه الهيأة أصبحت اليوم مؤسسة فعالة في هذا المجال ومنحت صلاحيات واسعة في سبيل تحقيق  أهدافها ومنها وأخطرها الصلاحيات ذات الصفة الجنائية والتي تتعلق بإجراءات التحقيق في جرائم الفساد الحكومي ,ومن خلال هذا البحث سنحاول بيان ما أعطي للهيأة من دور جنائي في هذا المجال .




مشكلة البحث   
تبرز مشكلة  بحث هذا الموضوع على الصعيد القانوني ، إذ إن الأمر الخاص بالهيأة منحها سلطات في التحقيق تتقارب أو تكاد تفوق السلطات الاعتيادية الممنوحة للمحققين وقضاة التحقيق في المحاكم الاعتيادية ، وحيث إن بعض إجراءات التحقيق تمس الحرية الشخصية للإنسان كالقبض والتوقيف فهل يملك محقق هيأة النزاهة تلك الصلاحيات؟ وان منح الهيأة هذا الاختصاص  يتطلب بيان  دورها في تلقي الإخبار عن الجرائم وفي تحريك الدعوى الجزائية ؟ ومن ثم معرفة هل إن لها دور في الطعن بالإحكام الصادرة من المحاكم الجزائية في القضايا التي مارست التحقيق فيها ؟ والسؤال المهم في هذا المجال هو هل ستساهم هيأة النزاهة فعلا في أداء دورها المرسوم لها ،كل ذلك سنحاول بيانه من خلال هذا البحث .
أهمية  البحث
تكمن أهمية بحث هذا الموضوع على الصعيد القانوني كونه من المواضيع الجديدة التي تستحق إن يتناولها المختصون لبيان ما أعطي للهيأة من اختصاصات تتقارب مع ما ممنوح للقضاء ، بالإضافة إلى أنها من المواضيع التي لم تتناول بالبحث المعمق يضاف لما تقدم التعرف على دور هيأة النزاهة في مجال أداءها لدورها التي أُنشأت من اجله وهو مكافحة الفساد الحكومي ، علما انه يعرض ألان مشروع لقانون هيأة النزاهة أمام مجلس النواب مما يثير الاهتمام لدراسة اختصاص الهيأة الجنائي وفق ما مقرر في الأمر (55) سالف الذكر والقانون النظامي الملحق به .
طريقة البحث  
إن البحث في هذا الموضوع لا يمكن أن يكون إلا من خلال الدراسة التحليلية لنصوص القانون الذي يحكم عمل هيأة النزاهة أي الأمر (55) الصادر عن سلطة الائتلاف المنحلة والقانون النظامي الملحق بالأمر أعلاه وذلك لقلة المصادر المتعلقة به،  فما يكتب عنه لا يتعدى سوى مقالات منشورة على شبكة الانترنت ،بالإضافة إلى إننا سنستعين ببعض المصادر  الفقهية المتخصصة  في قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية وبعض المصادر الأخرى



المبحث الأول
الأساس والطبيعة القانونية لعمل هيأة النزاهة
تعد هيأة النزاهة في العراق واحدة من ثلاث هيأت متخصصة في ملاحقة الفساد في العراق فهي ديوان الرقابة المالية ومكتب المفتش العام بالإضافة للهيأة أعلاه ولا نريد إن نسهب في بيان مفهوم هذه الهيأة إذ ذكرنا ما يكفي عنها في المقدمة  ، وبذلك فإننا سنتناول بيان الأساس القانوني لعمل هذه الهيأة في مطلب أول من هذا المبحث ومعرفة الطبيعة القانونية لها في المطلب الثاني .
المطلب الأول
الأساس القانوني لعمل هيأة النزاهة
        بعد احتلال العراق وسقوط النظام السياسي فيه آنذاك في 9/4/2003 وتولي (bull brimar)  الحاكم الأمريكي لأمور الإدارة المدنية في العراق قام هذا الأخير بإصدار الأمر ذي الرقم (55) لسنة 2004 والذي خول بموجبه الحق لمجلس الحكم الانتقالي قي العراق الحق في إنشاء "مفوضية النزاهة العامة "وفعلا أنشأت تلك المفوضية بموجب القانون النظامي  الملحق بنفس الأمر أعلاه فنص الأمر 55 على أن يخول مجلس الحكم بموجب هذا الأمر سلطة إنشاء مفوضية عراقية معنية بالنزاهة العامة –المفوضية – تكون جهازا مستقلا مسؤولا  عن تنفيذ وتطبيق قوانين مكافحة الفساد ومعايير الخدمة العامة ...)(2)  ولقد استند (bull brimar )   في إصداره للأمر أعلاه آنذاك إلى عدة مبررات منها انه استند إلى السلطات المخولة له بصفته المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة واستنادا إلى الأعراف والتقاليد المتبعة في زمن الحرب وتماشيا مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالعراق ومنها القرار  المرقم (1483)الصادر في 2003 والقرار (1500) في 2003 أيضا والقرار الصادر في نفس السنة ذي الرقم (1511) وإقرارا منه بان الفساد آفة تصيب الحكومة الصالحة بالهلاك وتبتلي حالة الرخاء والازدهار ،واعترافا منه بان الشعب العراقي يستحق قادة يتسمون بالنزاهة ويكرسون أنفسهم لشفافية الحكم في العراق وعلى إن الحكم الفعال يعتمد على ثقة الشعب بحكامه وان الفساد يزعزع تلك الثقة (3) وجاء في القسم الثاني من الأمر أعلاه بان يكفل مجلس الحكم إنشاء المفوضية وقيامها بعملها بصفتها الجهاز الرئيسي في العراق لتنفيذ وتطبيق قوانين مكافحة الفساد ...(4)  وجعل من هيأة النزاهة الجهاز الوحيد في العراق المخول بالاستعانة بالإجراءات الجنائية من اجل البت والفصل في القضايا المتعلقة بإساءة التصرف (5) بالإضافة إلى ما لها من ادوار أخرى في مجالات متعددة منحت لها بموجب القانون النظامي الملحق بالأمر( 55) إذ لم يقتصر دورها على الجانب الجنائي كما اشرنا في أعلاه ،فالقسم الأول من الأمر  أشار إلى إن لهيأة النزاهة دور كبير في اقتراح تشريعات إضافية عند الضرورة يكون الهدف منها المساهمة في  القضاء على الفساد وتنمية ثقافة الاستقامة والنزاهة والشفافية والخضوع للمحاسبة والتعرض للاستجواب والتعامل المنصف في الحكومة ،ولقد أشار لهذا الدور أيضا القانون النظامي في عدة مواضع فقد تضمن القسم الأول منه على إن لمفوضية النزاهة اقتراح تشريعات عند الضرورة ... إما القسم الثالث فقد منح لهيأة النزاهة صلاحية جوازيه في اقتراح وتطوير القوانين الموجودة فعلا ا وان تقترح سن تشريعات إضافية وكذلك أعطاها الحق في إصدار لوائح تنظيمية بالاستناد إلى الأمر 55 (6).ولقد أعطيت هيأة النزاهة صلاحيات أخرى ومنها تنفيذ مبادرات لتثقيف وتوعية الشعب العراقي من الناحية القانونية من خلال اعتماد وسائل التثقيف والتوعية مثل الندوات والدراسات والتدريبات أو الحملات الإعلامية أو المؤتمرات والى غير ذلك(7) . وبذلك فان الأساس القانوني لممارسة هيأة النزاهة اعملها وخصوصا ما يتعلق في الجانب الجنائي هو الأمر (55) والقانون النظامي الملحق به والصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة آنذاك  علما  إن أمر إصدار تشريعات جديدة أو إنشاء هيأت من قبل القوات المحتلة في البلد المحتل يثير العديد من التساؤلات وخصوصا مدى صلاحية المحتل في إصدار مثل تلك التشريعات وهذا الموضوع يدخل في صلب مواضيع القانون الدولي وخصوصا ما يتعلق منها باتفاقيات جنيف لعام 1945 (8) .
        وبعد إقرار الدستور العراقي لعام 2005 نص ذلك الدستور في فصله الرابع الذي حمل عنوان إلهيات المستقلة على هيأة النزاهة باعتبارها إحدى تلك الهيأت في المادة (102) منه بالقول ((تعد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيأة النزاهة والمفوضية العليا لحقوق الإنسان ،هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم أعمالها بقانون ))
ويلاحظ إن الدستور لم يجعل من هيأة  النزاهة هيأة عامة كما وصفها الأمر (55) وان الدستور اشترط تنظيم أعمالها بقانون وبما إن مجلس النواب العراقي لم يقر قانون هيأة النزاهة المقدم من قبلها إليه فان العمل لا زال  يجري وفق الأمر (55 ) والقانون النظامي الملحق وهما ما يعدان الأساس القانوني لممارسة الهيأة لإعمالها




المطلب الثاني
الطبيعة القانونية لهيأة النزاهة
بعد أن تعرفنا إلى أساس عمل هيأة النزاهة في المطلب السابق سنتناول في هذا المطلب الطبيعة القانونية لها ،والسؤال الذي يثار بهذا الصدد ما هي طبيعة هذه الهيأة ؟هل تعد دائرة حكومية تتبع للحكومة وتتلقى الأوامر منها أم أنها هيأة قضائية أو شبه قضائية تمارس إعمالا تتشابه مع ما للمحاكم من أعمال مثل التحقيق وغيره  ؟
إن الجواب على تلك الأسئلة يتطلب الرجوع إلى القانون الذي يحكم عمل تلك الهيأة والنصوص الدستورية التي حددت الجهة التي تتبعها تلك الهيأة ،  ففي المرحلة التي سبقت إصدار الدستور العراقي لعام 2005 ،أي في ظل الأمر  (55 ) وقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية(9)    نجد إن المبدأ الأسـاس الذي يؤسس لطبيعة عمل هذه الهيأة وعلاقتها مع غيرها من أجهزة الدولة كونها جهازا حكوميا (منفصلا ومستقلا ) إذ نص الأمر (55) سالف الذكر على ذلك بالقول ((يخول مجلس الحكم بموجب هذا الأمر سلطة إنشاء مفوضية عراقية معنية بالنزاهة العامة وتكون جهازا مستقلا ...)) (10) وكذلك أكد القانون النظامي على ذلك بالقول ((يشجع هذا القانون النظامي الحكم  النزيه والشفاف بإنشاء هيأة مستقلة فهل لديها القدرة على تطبيق قوانين مكافحة الفساد ...))(11)فالهيأة تعد وحسب رأي البعض جهازا حكوميا  وهي بهذا المفهوم تخضع في علاقاتها فقط مع الأجهزة الحكومية الأخرى من الناحية الإدارية والمالية للقواعد العامة التي تحكم علاقة أية جهتين حكوميتين مع بعضهما البعض فينقل إليها إي موظف من دوائر الدولة الأخرى طبقا لنفس الإجراءات المتبعة في تنقل الموظفين في الدوائر الحكومية الأخرى (12) وإذا كان الأمر 55 والقانون النظامي الملحق به قد وصفا الهيأة بأنها (مستقلة) فماذا يعني ذلك الاستقلال ؟ وهل يقترب مفهومه من مفهوم مبدأ استقلال القضاء(13) ،ذلك المبدأ الدستوري الذي يحكم العمل القضائي (14) ؟
إن الاستقلال الذي تتمتع به هيأة النزاهة يعني إنها جهة غير مرتبطة ولا خاضعة لأي جهاز أو سلطة في الدولة وقد منحها القانون ذلك لضمان تأديتها لواجباتها وعملها بكل دقة وحيادية لمكافحة الفساد دون التأثر بأية جهة لغرض تعطيل ممارسة عملها (15)
والذي يتفحص الأمر (55) والقانون الملحق به سيجد إن كلاهما لم يتضمنا أي نص يشير إلى خضوع الهيأة إلى سلطة أي جهة من الجهات الحكومية ،إلا إن الملاحظ في هذا المجال إن آلية تعيين أو تنصيب رئيس الهيأة قد تجعل منه خاضعا بالأساس إلى سلطة رئيس الوزراء ،فالفقرة (1) من القسم الخامس من القانون النظامي قد أعطت للمسؤول التنفيذي الرئيسي في العراق والذي يقصد به (رئيس الوزراء) الحق في اختيار رئيس هيأة النزاهة من بين ثلاثة مرشحين يتم ترشيحهم من قبل مجلس القضاء الأعلى ثم يخضع ذلك التعيين لإقرار وموافقة أغلبية الأصوات في الهيأة التشريعية الوطنية ،وكان من الأجدر إن يتم الترشيح من قبل مجلس القضاء ويرسل مباشرة إلى الهيأة التشريعية دون المرور برئاسة الوزراء (رئيس الوزراء) وذلك من اجل الحفاظ على استقلالية وحيادية رئيس هيأة النزاهة بصورة تامة ،لأنه إذا فاز من قام رئيس الوزراء بترشيحه فانه قد يتأثر إثناء أداءه لدوره الرقابي  والتحقيقي لمكافحة الفساد الحكومي في مؤسسات السلطة التنفيذية ، إذ إن الأخيرة هي صاحبة الصلاحية الواسعة في التصرف بالمال العام باعتبار إن رئيس السلطة التنفيذية كان له الدور الكبير في تعيينه من خلال ترشيحه .
ولو رجعنا إلى نفس الفقرة الأولى أعلاه لوجدنا إن رئيس الهيأة وليس الهيأة  يخضع لرقابة السلطة التشريعية ،حيث أجازت تلك الفقرة إقالة رئيس الهيأة بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء الهيأة التشريعية الوطنية على ذلك .
إما عن أسباب إقالته من منصبه فقد حددتها  تلك الفقرة بسبب اتهامه بعدم الكفاءة أو بسبب إساءته للتصرف على نحو خطير سواء كان ذلك بصفته الرسمية أو الشخصية أو بسبب تقصيره في تأديته لمهامه أو بسبب إساءته لاستخدامه لمنصبه ، ويلاحظ إن الأسباب أعلاه قد جاءت بصورة مبهمة وغير واضحة وتقبل التأويل والاجتهاد في تفسيرها  من قبل أعضاء السلطة التشريعية بالإضافة إلى إن النصوص الحالية التي تحكم عمل هيأة النزاهة لا تجعل من الهيأة مسؤولة بأكملها أمام السلطة التشريعية وإنما قصرت المساءلة على الرئيس فقط وهذا لا يجوز إذ قد تنحرف الهيأة عن الهدف المرسوم لها عن طريق موظفيها ومد راؤها العاميين ،فكان من المفروض أن يخضع عمل الهيأة بالكامل لرقابة السلطة التشريعية ،علما إن قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية آنذاك لم يدرج ضمن نصوصه ما يشير إلى خضوع تلك الهيأة لرقابة السلطة التشريعية وان كل ما ورد بخصوص الرقابة هو نص المادة (30) منه إذ نصت على أن ""يكون لدولة العراق خلال المرحلة الانتقالية سلطة تشريعية تعرف باسم الجمعية الوطنية ومهمتها تشريع القوانين والرقابة على عمل السلطة التنفيذية ""  وبما إن هيأة النزاهة وكما سبق القول هي هيأة مستقلة ولا تخضع لأية سلطة أخرى ومعنى ذلك أنها لا تعد جزءا من السلطة التنفيذية ومن ثم فإنها لا تخضع لتلك الرقابة المنصوص عليها في المادة (30) أعلاه لان السلطة التنفيذية وبموجب نصوص قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية تتكون من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيسه(16)
وحسب رأي القاضي رحيم العكيلي رئيس هيأة النزاهة فان الهيأة تخضع لنوعين من الرقابة هما:
1.  الرقابة القضائية /إي أنها تخضع كغيرها من الجهات الحكومية ل رقابة القضاء وتطالها الولاية العامة للفضاء عندما تكون طرفا في إي نزاع قضائي .
2.  الرقابة المالية  /إي خضوعها لرقابة ديوان الرقابة المالية من الناحية المحاسبية فقط بموجب الصلاحيات الممنوحة لذلك الديوان في تدقيق الحسابات المالية لجميع دوائر الدولة وإلهيأت الأخرى(17) .
وبعد إقرار الدستور العراقي لعام 2005 فان هيأة النزاهة أصبحت خاضعة لرقابة مجلس النواب  إذ نصت المادة (102) منه بالقول ((تعد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيأة النزاهة والمفوضية العليا لحقوق الإنسان ، هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم أعمالها بقانون)) إلا إن هذه الرقابة تبقى محكومة بما هو مقرر في القانون النظامي الملحق بالأمر (55) الذي لم يلغى لحد ألان ويستجوب رئيس الهيأة لنفس الأسباب التي ذكرناها سابقا إلا إن الفرق مابين نص المادة (102) من الدستور وما ورد في القسم الخامس من القانون النظامي فيما يتعلق بالمساءلة فإن القانون جعل من رئيس الهيأة فقط مسؤولا أمام السلطة التشريعية بينما ورد النص الدستوري بصورة عامة بان اخضع الهيأة لرقابة مجلس النواب ولم يحددها بالرئيس فقط  ومن ثم وحسب رأينا فان النص يحتمل بان يكون  لمجلس النواب الحق في  حل الهيأة أو إيقافها عن عملها إذا انحرفت عن الهدف المرسوم لها وهو ما يتطلب تدخل تشريعي جديد يحدد الحالات التي يساءل بها الرئيس او الهيأة بأكملها إمام مجلس النواب .
وفي مجال البحث عن مدى استقلالية هيأة النزاهة فانه وعلى الصعيد نجد إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام ((2004)) كانت قد شـــددت على إن تكـون الهيأت الخاصة بمكافحة الفساد ذات صفة مستقلة عن تأثير الحكومات إذ نصت المادة (( 6/2 )) من تلك الاتفاقية على أن تقوم كل دولة طرف(18) ووفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني بمنح الهيأة أو الهيأت المشار إليها في الفقرة (1) من المادة السادسة الاتفاقية ما يلزم من الاستقلالية لتمكينها – الهيأت- من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن إي تأثير لا مسوغ له وينبغي توفير ما يلزم من موارد مادية وموظفين متخصصين وكذلك ما قد يحتاج إليه هؤلاء الموظفين من تدريب للاضطلاع بوظائفهم  ، وخلاصة القول فان هيأة النزاهة وحسب نصوص الدستور النافذ تعد من الهيأت المستقلة التي لا ترتبط بأية جهة تابعة للحكومة إلا انه بجب توفير الضمانات الكافية واللازمة للحفاظ على تلك الاستقلالية   .

المبحث الثاني
الاختصاص النوعي لهيأة النزاهة في قضايا الفساد الحكومي (19)
سنتناول في هذا المبحث الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص هيأة النزاهة في مجال دورها لمكافحة الفساد الحكومي وذلك يتطلب منا التعرف ابتدءا على مفهوم الفساد وبيان أسبابه ومن ثم التطرق إلى أنواع الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص الهيأة وهو ما سنتناوله في المطلبين الآتيين

المطلب الأول
في مفهوم الفساد الحكومي وبيان أسبابه
الفساد لغةً : الفساد في معاجم اللغة هو (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه، والفساد نقيض الصلاح ، والمفسدة خلاف المصلحة بطبيعة الحال ، وقالوا هذا الأمر مفسده ، أي فيه فساد  (20)
أما التعريف الاصطلاحي فقد شابه الغموض وله تعددات باختلاف الزاوية التي ينظر من خلالها المهتم ، فقد تكون لعلماء الاجتماع رؤيتهم الخاصة  لهذا المصطلح ولعلماء الإجرام أيضا ولعلم النفس منظوره الخاص وللفلسفة والتاريخ .. كل منهم له تعريفاته المختلفة وحسب الزاوية التي ينظر كل منهم فيها  إلى الفساد .
وإذا ما أردنا أن نركز على التعريفات الحديثة فسنجد أن البنك الدولي لم يعرف الفساد ولكن أشار إلى الأنشطة التي تندرج تحت هذا المصطلح كإساءة استعمال الوظيفة لتحقيق المكاسب الخاصة ، وذلك عن طريق قبول الرشوة مقابل الحصول على تسهيلات أو طرح مناقصات الخ.. إذ عرفه بأنه  "سوء استخدام المنصب لغايات شخصية ذاتية أو حتى لغايات زمنية" (21)  ، وقد عرفت منظمة الشفافية العالمية الفساد بأنه (إساءة استخدام السلطة العامة من اجل تحقيق منفعة شخصية أو كسب خاص )(22) وعرف أيضا بأنه (إخضاع المصالح العامة لأهداف خاصة)(23). وعرف أيضا بأنه    (الخروج عن القانون والنظام وعدم الالتزام بهما  أو استغلال غيابهما من اجل تحقيق مصالح سياسية أو اجتماعية للفرد أو لجماعة معينة إذ انه سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام من اجل تحقيق كسب خاص )(24)
ويمكننا تعريف الفساد بأنه ( تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة من خلال جعل الأخيرة وسيلة للكسب غير المشروع مع عدم الاكتراث بالضرر الذي يلحق بها)
وبعد العرض أعلاه لمفهوم الفساد فان التساؤل الذي يثار عن الفساد عن مدى اعتباره فعل أم ظاهرة؟
إذ يتباين الأثر في التعريف بين كون الفساد فعل بحد ذاته يدل عليه وصفه القانوني كفعل يجرمه القانون ويعاقب عليه أم انه يشكل ظاهرة عامة في مجتمع ما أو في عدة مجتمعات أم أنها تقتصر على فئة دون أخرى وإذا ما  اعتمدنا  تعريف الفساد كونه فعل وحسب التعارف السابقة أي انه  خروج عن القوانين والأنظمة (عدم الالتزام بهما)، أو استغلال غيابهما، من اجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية مالية وتجارية، أو اجتماعية لصالح الفرد أو لصالح جماعة معينة للفرد مصالح شخصية معها.فانه وبصورة  عامة يمكن ملاحظة ملازمة العنصريين التاليين لفعل الفساد
أولا : مخالفة فعل الفساد لنصوص  القانون وهو ما يشكل جريمة  منصوص عليها قانونا تستوجب العقاب من الناحية الجنائية فقط .
ثانياً : سوء استخدام المنصب العام أو استغلاله يهدف إلى خدمة أغراض خاصة أو تحقيق منافع شخصية مادية أو معنوية.وخلافا لتعليمات وضوابط العمل في ذلك المنصب مما يؤدي إلى تحقق المسؤولية الإدارية و الجنائية معا  .
وبالنتيجة فان الفساد باعتباره سلوك أو فعل  يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.وهو ما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون  ، وإذا ما أردنا البحث في موضوع الفساد كظاهرة معاصرة(25)،فان هنالك من يرى(26)  بأن التحديد الدقيق لمفهوم (الظاهرة) يمكن أن يعبر عنه على أنه تواتر حدوث الحالة وتكرار وقوعها بين الحين والآخر، فعلى هذا المنوال نجد أن ما أستجد وقوعه من حوادث يسمى حالة أو حادثاً، في حين أن ما تواتر وتكرر حدوثه يسمى ظاهرة، كما أن الظواهر لها ما يميزها من السمات التي تكاد أن تبدو متشابهة بين كل حدث متكرر من أحداثها، والفساد كظاهرة  له صفة الاستمرارية والتكرار وبتوافر معظم حوادثه على صفات وقواسم مشتركة، أكتسب ما يجعله مستوفي لشروط الوصف على أنه ظاهرة، وبحكم كون المجتمع السياسي هو الوسط الذي ولد ت ونمت في كنفه تلك الظاهرة، إذن هي من قبيل الظواهر السياسية .  
لذا فأن الفساد يشكل ظاهرة إجرامية أو سلوك منحرف عن قواعد السـلوك الاجتماعي السائدة في المجتمع ،وذلك تأسيسا على إن السلوك الإجرامي ليس محض واقعة يجرمها القانون ، ولكنه سلوك يصدر من إنسان يعيش في بيئة معينة ووسط مجتمع معين ومن ثم فهو سلوك اجتماعي منحرف ، لذلك فان دراسة أسباب ودوافع الفساد يعطي التفسير لهذه الظاهرة وبالتالي فان تفسير هذه الظاهرة ينطبق عليه ما يقال عن تفسير الظاهرة الإجرامية بصفة عامة .
حيث يقرر علماء الجريمة إنها لا ترجع إلى مصدر واحد أو مصدرين بل تنبع عن مصادر عديدة متنوعة ومتشابكة ومعقدة ، وبالمثل فالفساد المالي والإداري ، كظاهرة إجرامية لها خصوصيتها بين غيرها من الظواهر الإجرامية الأخرى ، ليس فعلا منعزلا أو عرضيا ولكنه ثمرة تضافر عوامل عديدة تحركه وتحدد تكوينه وظهوره(27)  .
وبذلك فان الفساد أصبح في وقتنا الحاضر ظاهرة متسعة تستمد وجودها مما لها من سوابق تاريخية في المجال(28) الذي تنشا فيه، إذ قد تتشابه الظروف التي تنمو فيها ظاهرة الفساد وهو ما يرتبط بالواقع الذي يمر به المجتمع (29) ثم يظهر دور القانون في إضفاء الوصف على كل فعل يشكل تلك الظاهرة  فإذا ما تطابق الفعل مع نص تجريمي فإننا سنكون أمام جريمة يعاقب عليها القانون وبذلك فان الفساد يعد ظاهرة من حيث الظهور وجريمة من حيث السلوك المخالف لنصوص القانون . إما عن أسباب الفساد الحكومي ومنابعه الأساسية فترجع الأسباب الأساسية للفساد الحكومي إلى شبكة معقدة من العوامل الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية،. ومن أهم هذه الأسباب :
أولا : الأسباب الاقتصادية للفساد الحكومي
تلعب العوامل الاقتصادية السائدة في بعض المجتمعات دوراً مؤثراً في انتشار قيم الفساد وتغلغلها في أحشاء المجتمع. وتزداد فاعلية هذه العوامل، بصفة خاصة، في الدول التي تتبنى سياسة إنمائية رأسمالية محورها التركيز على اعتبارات النمو الاقتصادي الحر، دون الاهتمام بتحقيق عدالة في التوزيع. ويترتب على ذلك ظهور شرائح اجتماعية جديدة تملك الثروة دون أن يكون لها نفوذ سياسي وشرائح أخرى فقيرة ، عندئذ تلجأ تلك الشرائح إلى استمالة أصحاب النفوذ السياسي باستخدام أساليب فاسدة، كالرشوة والعمولات والإغراءات المختلفة التي تُقدم للمسؤولين، بهدف الحصول على تأثير سياسي مباشر يتمثل في عضوية المجالس النيابية أو المسؤولين الحكوميين في السلطة التنفيذية وبذلك يضمحل دور الكفاءة والخبرة في العمل أمام تلك الأساليب(30)
ثانيا : الأسباب السياسية للفساد الحكومي     
يتفق أغلب الباحثين على أن أكثر النظم إفرازاً للفساد الإداري ومظاهره هو النظام الديكتاتوري ، الذي يتركز في شخصية حاكم مستبد يتمتع بسلطة مطلقة ـ تصل –عادة- إلى حد الاستبداد الكامل ـ وتحيط به نخبة محدودة من أهل الثقة، الذين يتصفون بالولاء الكامل لشخصه، ويعملون على إجهاض روح المبادرة والرقابة الشعبية والإدارية ، ما يشجع على ظهور صور الفساد المختلفة. والهدف الأساسي للفساد هو القضاء على الشفافية والمنافسة، وخلق شريحة أو فئة محظوظة ومسارات داخلية سرية(31). والفساد بهذه الصورة مضاد للديمقراطية؛ بالإضافة إلى غياب حرية الإعلام وضعف دور مؤسسات المجتمع المدني  ومؤسسات الرقابة على أداء الحكومة (32) ، بالإضافة إلى ذلك إن بعض الأنظمة الحزبية تمنع مكافحة الفساد من خلال عدم السماح بمحاسبة الوزراء المنتمين إليها وخصوصا إذا ما كانت تلك الأحزاب هي القابضة على السلطة  ويتم ذلك من خلال وضع إجراءات معقدة للمساءلة أو التأثير في البرلمان لمنع تلك المساءلة إذا كانت تملك الأغلبية  .

ثالثا : الأسباب الاجتماعية والثقافية للفساد الحكومي  
تُعد العوامل الاجتماعية والثقافية سبباً له أهميته الخاصة في نشأة الفساد الإداري وانتشاره داخل المجتمع،وتؤكد بعض القيم الثقافية التقليدية السائدة في الدول النامية على فكرة العائلة الممتدة، وارتباط الفرد بعائلته وأقاربه وأصدقائه وأبناء قريته التي ينتمي إليها
ولذلك يتوقع منه في حالة توليه منصباً إدارياً مهماً في الجهاز الإداري بالدولة، أن يقدم خدماته لهؤلاء الأفراد الذين تربطه بهم صلات خاصة، وتتمثل هذه الخدمات في إيجاد الوظائف وفرص التعليم والحصول على مزايا عينية وأدبية، ويصل الأمر إلى مخالفة القانون أو مبدأ تكافؤ الفرص، من أجل محاباة الأهل والأصدقاء وهو ما يطلق عليه في الغالب ب (المحسوبية والمنسوبية) ، ما يترتب عليه ظهور قيم الفساد بكافة صوره في ممارسة الوظيفة العامة(33) .
رابعا : الأسباب الإدارية والقانونية للفساد الحكومي
يحدث الفساد الحكومي  في كثير من الأحيان نتيجة لاعتبارات إدارية وقانونية، تتمثل في غياب الأبنية والمؤسسات، فضلاً عن عدم وجود القوانين الرادعة للفساد، ويؤدي هذا إلى إطلاق يد العناصر الفاسدة  وخاصة العناصر العليا منها في تنفيذ ما تراه محققاً لمصالحها الخاصة، مستخدمة في ذلك الأساليب المتنوعة للفساد الإداري، وهذا ما يؤكده آرثر لويس قائلاً: "إن الشخص حينما يكون متقلداً منصباً وزارياً في الدول النامية، تكون لديه فرصة حياته لتكوين الثروة من خلال اللجوء إلى الفساد واستغلال النفوذ"(34). ويترتب على هذه الأوضاع ظهور الفساد في ممارسة الوظيفة العامة. ويصدق هذا الوضع على الدول النامية؛ فكما يقول جونار ميردال في تحليله للفساد الإداري في دول جنوب آسيا، فإن "الرشوة أصبحت  من الحقائق الثابتة في الأجهزة الإدارية في هذه الدول، حيث تعاني كل الإدارات الحكومية والوكالات والشركات العامة ومكاتب التصدير وإدارات الضرائب، من انتشار الرشوة على نطاق واسع، بحيث يمكن القول إنه متى أُعطيت السلطة لأي موظف، سيكون هناك مجال للرشوة، والتي من دونها لا يسير دولاب العمل الإداري".(35)
ولا شك أن انتشار صور الفساد الإداري، وما يرتبط بها من ضعف الانتماء والشعور بالهوية الوطنية، يقود إلى عدة احتمالات، مثل: قلة الكفاءة في الأداء، وإضعاف القواعد القانونية، واهتزاز صورة الشرعية القانونية، وتقليل قدرة المؤسسات على ممارسة وظائفها على الوجه الأكمل، كما أنه في ظل ممارسات الفساد تتراجع معايير الكفاءة والقدرة على الأداء، كشرط لشغل المناصب داخل المؤسسات، نتيجة لانتشار المحاباة والمحسوبية، ويصل إلى المؤسسات مَن لا يتمتعون بالمهارات والكفاءات المطلوبة، ما يؤدي إلى انخفاض قدرة المؤسسات وكفاءتها.
المطلب الثاني
التعريف بقضايا الفساد التي تدخل ضمن اختصاص هيأة النزاهة
إن الخوض في هذا الموضوع يعني التعرف على السلطة  التي منحها القانون لهيأة النزاهة في التحقيق بقضايا الفساد الحكومي بصورة خاصة  وهذه السلطة أو الولاية يطلق عليها الاختصاص المادي إي إن تحدد سلطة المحكمة بالنظر في نوع معين من الجرائم (36) وبالنسبة لهيأة النزاهة فان الأمر 55 والقانون النظامي الملحق به كانا قد حددا اختصاص  الهيأة بنوع معين من الجرائم ،حيث إن القسم الثاني من القانون النظامي نص في الفقرة الرابعة منه على أنواع الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص الهيأة،بعد أن حددت  تلك الفقرة معنى  عبارة "قضية الفساد " بالقول أنها قضية جنائية تتعلق بحالة يشتبه أنها تنطوي على خرق لأحد النصوص المذكورة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1996 وهذه النصوص هي :-
أ – المواد( 233 )،(234 )، (271  )، (272) ،(275) ،(276) ،(290)،(293)،(296) من قانون العقوبات .
ب – المواد (307) إلى( 341) إي الفصل السادس من قانون العقوبات .
ج – إي نص أو بند من قانون العقوبات ينطبق عليه نص البنود (5) و(6) و(7) من الفقرة (135) التي أضيفت بموجب القسم (6) من هذا الإجراء
د - أي بند أخر من قانون العقوبات تكون فيه وقائع الحالة التي يشتبه إنها تنطوي على خروق مشابهه لحالات يشتبه أنها تنطوي على خرق لنصوص الإحكام الوارد ذكرها في البنود الفرعية (أ) إلى (ج) أعلاه .
إن النصوص أعلاه تتطلب منا الإحاطة بمفهوم تلك الجرائم وأنواعها وتقسيماتها وبصورة موجزة ولكون اغلب تلك الجرائم قد أشبعت بحثا من قبل الباحثين في المجال القانوني وبذلك سوف نتناولها حسب الفقرات التي نظمتها في أعلاه(37)  .
أولا : جرائم الفقرة – أ-
إن الإطلاع على النصوص العقابية في الفقرة أعلاه نجد ان بعضها يتعلق بالجرائم الماسة بسير القضاء ،فالمادة( 233 ) تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل موظف أو مكلف بخدمة عامة توسط لدى قاض أو محكمة لصالح احد الخصوم ، كما إن المادة( 234) تعاقب القاضي الذي يصدر حكما نتيجة التوسط لديه وفق ما ورد في المادة ( 233) إذا ثبت إن الحكم الذي صدر وفق ذلك كان غير محق بمعنى إن القاضي إذا اصدر حكما بعد التوسط لديه وكان ذلك الحكم محقا فلا عقاب عليه، وإنما تتحقق مسؤولية الموظف أو المكلف بخدمة عامة الذي توسط لدى ذلك القاضي وفق المادة( 233) . إما المواد (271) و(272) فإنها تتعلق بعقاب الموظف أو المكلف بخدمة عامة سبق وان أوكــــلت إليه مهمة القبض أو حراسة مقبوض عليه أو موقوف أو محجوز فمكن بإرادته أو بإهماله  هروب  ذلك الشخص ،علما إن العقوبة المقررة لتلك الأفعال تتراوح ما بين الحبس والسجن المؤبد .وفي المادة (275 )فقد خصصت لمعالجة جرائم تقليد(38) أو تزوير ختم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو إي ختم  أو علامة للحكومة أو دوائرها الرسمية أو شبه الرسمية أو احد موظفيها أو  توقيعه أو دمغات الذهب والفضة المقررة قانونا ،ثم جاء المشرع العراقي وعاقب بالسجن كل من استعمل شيئا مما ذكر في المادة 275 أعلاه  وبدون وجه حق(39)  .
ويلاحظ إن النص قي الجريمتين أعلاه يشمل الموظف وغير الموظف إذ إنهما جاءتا  بصيغة العموم ولم يقتصر السلوك ألجرمي على صفة معينة في الجاني ويتأكد ذلك من نص المادة  (275) التي  تضمنت العبارة الآتية "من قلد أو زور بنفسه أو بواسطة غيره "وهذا النص يحتمل  ارتكاب الموظف لهذه الجريمة بنفسه أو بالاشتراك مع غيره خارج نطاق الوظيفة أو بالعكس .
إما المادة (290) من قانون العقوبات والتي تختص هيأة النزاهة بالتحقيق فيها فإنها تعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة كل من حمل موظفا أو مكلفا بخدمة عامة على تدوين أو اثبات واقعة غير صحيحة بخصوص أمر من شان المستند الذي حرره الموظف أو المكلف بخدمة عامة إثباته على إن المشرع العراقي  اشترط بالقائم بهذا الفعل إن يكون منتحلا اسم شخص أخر أو متصفا بصفة ليست له أو قيامه بتقرير وقائع كاذبة أو إلى غير ذلك لممارسة عملية التأثير على الموظف أو المكلف بخدمة عامة ، ويمتد الاختصاص الجنائي  النوعي لهيأة النزاهة  ليشمل بعض الصور الخاصة من التزوير في المحررات الرسمية  إذ قد يتوصل البعض أحيانا ومن خلال انتحال اسم كاذب أو شخصية كاذبة إلى الحصول على رخصة رسمية أو تذكرة أو هوية أو تذكرة انتخاب عام أو تصريح نقل أو انتقال أو مرور داخل البلاد(40)، وهذه العملية قد لا تتم إلا  بمساعدة أو دور أساسي من القائمين على إصدار إي شي مما ذكر في أعلاه واعني بهم "الموظف أو المكلف بخدمة عامة " لذا نجد إن المشرع العراقي قد احتاط لذلك فعاقب بالحبس  بموجب المادة (293) كل موظف أو مكلف بخدمة عامة اصدر شيئا من مما ذكر في أعلاه مع علمه بصفة من صدرت له .إما فيما يتعلق بتزوير المحررات العادية فقد حصر واضعوا الأمر( 55 )اختصاص الهيأة ضمن المادة (296) فقط والتي تنص على عقاب كل من كان مكلفا قانونا بان يمسك دفاتر أو أوراق خاضعة لرقابة السلطات العامة فقام بتدوين أمورا غير صحيحة بهدف خداع السلطات العامة  وإيقاعها بالغلط .
ثانيا : جرائم  الفقرة – ب –
وهذه الجرائم محددة في المواد من (307 إلى 341) من قانون العقوبات وتشمل الجرائم الآتية :
1.    جريمة الرشوة وعولجت في المواد (307 إلى 314) من قانون العقوبات(41) .
2.  جريمة الاختلاس وبعض الجرائم الأخرى  وعولجت في المواد (315 إلى 321 ) من قانون العقوبات ومنها جريمة الانتفاع من استغلال الوظيفة وجريمة الانتفاع عن طريق الإضرار بالمصالح العامة أو جريمة الانتفاع عن طرق التدخل في معاملات تجارية أو جريمة الانتفاع عن طريق التلاعب بأجور العمال(42) .
3.    جرائم تجاوز الموظفين حدود وظائفهم وعولجت في المواد (322 إلى 341  ) من قانون العقوبات(43) .
ويلاحظ إن الجرائم الواردة في الفقرة (ب) أعلاه تتعلق بعمل الموظف أو المكلف بخدمة عامة إذ إن الرشوة والاختلاس من أكثر الجرائم شيوعا في نطاق الوظيفة العامة  حيث يكون الدافع إلى ارتكابها الحصول على منفعة شخصية على حساب مهام الوظيفة العامة ففي الرشوة يهدف القائم بالفعل إلى الحصول على المنفعة  بصورة عاجلة أم آجلة وعلى اختلاف نوعها سواء أكانت مادية أو معنوية أو قد تكون المنفعة بصورة مستترة في تعاقد بحيث يعد من قبيل الوعد أو العطية الفائدة التي تعود على الموظف من شراء منقول او عقار يعود له بثمن يزيد على قيمته أو بيعه مالا بثمن يقل عن ثمنه(44)، وفي الاختلاس يتصرف  الموظف او المكلف بخدمة عامة بالأموال التي بعهدته وكأنه المالك لها وبقصد سيء وبقصد الحصول على نفع له او لغيره أو بنية حرمان المالك منها(45).
وفيما يتعلق بجرائم تجاوز الموظفين حدود وظائفهم فهي عديدة ومتنوعة  فمنها ما يخص أعمال القبض والحبس في غير الأحوال المقررة قانونا(46) أو تنفيذ العقوبات القانونية خلافا لما هو مقرر قضائيا(47) وبعض تلك الجرائم  تتعلق بإفشاء الموظف لإسرار وصلت إليه عن طريق أعمال وظيفته(48)  أما البعض الأخر منها فقد  عاقبت كل موظف أو مكلف بخدمة عامة يتسبب بخطاه الجسيم بإلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته(49) .
ونجد انه كان بالأحرى على واضعو ا الأمر 55 والقانون النظامي الملحق به يجرموا أمر استخدام الموظف أو المكلف بخدمة عامة لوظيفته في أعمال الفساد الأخلاقي بصورة صريحة ،وان كان ذلك الأمر يدخل في جانب منه  ضمن الصور المعنوية للفائدة المتحصلة من جريمة الرشوة ، إذ إن أكثر جرائم الفساد الحكومي المتعلق بالقضايا المالية له صلة بهذا الموضوع من خلال الإساءة إلى الوظيفة العامة بالإضافة إلى  تبذير المال العام ،علما إن مثل هذه الجرائم قد تكون سببا في إلحاق الخطر العام بسمعة البلاد وانحطاط في مستوى النظام السياسي القائم فيه ،وما حدث للرؤساء الأمريكيين سابقا خير دليلا على ذلك (50).
ثالثا : جرائم الفقرتين - ج  و د –
نصت الفقرة ج/ 4 من القسم  الثاني من القانون النظامي على إن قضايا الفساد تشمل إي بند من قانون العقوبات ينطبق عليه نص البنود (5)و(6)و( 7) من الفقرة (135) من قانون العقوبات والتي أضيفت بواسطة القسم السادس من القانون النظامي  ،أو إي بند أخر من قانون العقوبات تكون فيه وقائع الحالة التي يشتبه أنها تنطوي على خروق مشابهه لحالات يشتبه أنها تنطوي على خرق لنصوص الإحكام الوارد ذكرها في البنود الفرعية (أ إلى ج )
ويلاحظ إن واضعو الأمر( 55 )والقانون النظامي الملحق به كان قد خلط في الفقرة (ج)  أعلاه بين الجريمة والظرف الذي يلحق بها ، فمن ناحية نجد انه قام بتعديل المادة (135 ) من قانون العقوبات بموجب القسم السادس ،وهذه المادة تتعلق بالأصل بالظروف المشددة العامة فأضاف إليها ظروف أخرى ،وقبلها اعتبر تلك الظروف من قضايا الفساد  في القسم الثاني 4/ج كما اشرنا ابتدءا ،وهذا يدل على الخلط التام وعدم الفصل ما بين الجريمة والظرف الملحق بها من  قبل المشرع  ، فالمادة (135 ) تنص على انه مع عدم الإخلال بالأحوال الخاصة التي ينص عليها القانون على تشديد العقوبة يعتبر من الظروف المشددة ما يلي :
 1 - ارتكاب الجريمة بباعث دنيء ، 2- ارتكاب الجريمة بانتهاز فرصة ضعف المجنى عليه ،          3- استعمال طرق وحشية في ارتكاب الجريمة أو التمثيل بالمجنى عليه ، 4- استغلال الجاني  في ارتكاب الجريمة لصفته كموظف أو إساءة استعمال سلطته أو نفوذه المستمدين من وظيفته . فهنا تم إضافة ثلاث فقرات إلى المادة (135) إذ نص القسم السادس على أن يعدل قانون العقوبات بـ : ثانيا : إضافة ما يلي إلى نهاية الفقرة (135) لتصبح الفقرات الآتية جزءا من المادة أعلاه ، 5 – إساءة استعمال المركز العام أو الثقة المرتبطة به من اجل الحصول على مكسب شخصي أو عرض أو منح أو قبول بعض الامتيازات مخالفة للمهام المنوطة بالمركز أو بالثقة الممنوحة  لمن يشغل هذا المركز أو الإساءة لحقوق الآخرين بصفة رسمية أو محاولة التسبب في وقوع مثل هذه الإساءة أو المخالفات ، 6 – ارتكاب مخالفة فيما يتعلق بالإحكام المنصوص عليها في الأقسام الفرعية( 4/أ-د) من الفانون الذي تم بموجبه إنشاء المفوضية المعنية بالنزاهة العامة  أو تأييد من يرتكب مثل هذه المخالفات أو يعيق محاولات الكشف عنها ، 7 -  مخالفة اللوائح التنظيمية الصادرة عن المفوضية المعنية بالنزاهة  بخصوص الكشف عن المصالح المالية
وبذلك  يبدو التعارض واضحا فيما يتعلق بتشديد عقوبة الجريمة والجريمة ذاتها حيث إن واضعوا الأمر( 55) والقانون النظامي لم يميزوا بين الحالتين إذ إن اغلب ما ورد في الفقرات المضافة هي تشكل بالأصل جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات بالإضافة إلى تجريمها واعتبارها قضايا فساد بموجب القسم الثاني 4 /ج من القانون الملحق بالأمر  55 .
ومن جانب أخر نجد إن تعديل المادة (136 ) من قانون العقوبات بموجب القسم السادس أيضا جاء في غير محله إذ إن المادة أعلاه تنص على صلاحية المحكمة في تشديد العقوبة إذا توافر احد الظروف الذكورة بموجب المادة (135)   ،إذ جاء التعديل بالنص الأتي :-   4- إذا كان العمل ينطوي على مخالفة للأحكام الواردة في الأقسام الفرعية 2/4 (أإلى د) من قانون المفوضية يفقد  مرتكب المخالفة فورا وبصورة دائمة أهليته للعمل في وظيفة حكومية أو التعاقد على توفير بضائع أو خدمات للحكومة ، وقد تكون عقوبته في تلك الحالة ما لم يقضي  نصا آخر في  القانون عقوبة أكثر صرامة  السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات وغرامة تصل إلى عشرة ملايين دولار أمريكي أو ما يعادلها بالدينار العراقي ومصادرة جميع أو إي من المبالغ والأشياء والأصول الملموسة المستحصلة من ارتكاب المخالفة أو من ممارسة نشاط يتعلق بها ، وإرغام المخالف على تعويض المتضررين "
إن الذي يتفحص النص أعلاه يجد إن شقا منه تضمن "عقوبات تبعية " مثل الحرمان من الوظيفة العامة للأبد  أو التعاقد على توفير بضائع للحكومة  ، وهذا لا يجوز إدراجه ضمن صلاحية المحكمة  وخياراتها في تشديد العقوبة عند توافر ظرف مشدد وإنما تدرج ضمن  موضوع العقوبات التبعية التي نضمها المشرع العراقي ضمن الفصل الثاني  من الباب الخامس من قانون  العقوبات العراقي (51) .
وأمر أخر نرى بان واضعوا النص لم يكونوا موفقين عندما أدرجوا في البند (د) من الفقرة الرابعة من القسم  الثاني النص على إن قضايا الفساد يمكن أن تكون في إي بند من قانون العقوبات تكون فيه وقائع الحالة التي يشتبه أنها تنطوي على خروق مشابهة لحالات يشتبه أنها تنطوي على خرق لنصوص الإحكام الوارد ذكرها في البنود الفرعية (أ) و إلى (ج) ، إذ إن النص أعلاه وبهذه الصيغة يؤدي بنا إلى قياس حالات غير منصوص عليها في قانون العقوبات على حالات منصوص عليها ، وهو ما لا يجوز  في قانون العقوبات الذي يمنع القياس في النصوص العقابية ، حيث إن النص أعلاه يحتمل الأخذ بالقياس من خلال العبارة الواردة فيه "يشتبه أنها تنطوي " وهذا مخالف لمبدأ قانونية الجرائم والعقوبات الذي ينص على إن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص (52)
وبذلك ندعو المشرع العراقي وخصوصا في مثل هذا الوقت الذي يعرض فيه مشروع قانون هيأة النزاهة الجديد أمام مجلس النواب إلى تعديل هذه النصوص المربكة أو إلغاءها وتوحيد كافة النصوص المتعلقة بقضايا الفساد في القانون الجديد .



المبحث الثالث
تحريك الدعوى الجزائية في قضايا الفساد الحكومي
تعرف الدعوى الجزائية بأنها مجموعة الإجراءات التي يحددها القانون وتستهدف الوصول إلى حكم قضائي يقرر تطبيقا صحيحا للقانون في شأن وضع إجرامي معين (53)
وبعد ارتكاب إحدى الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص هيأة النزاهة وكما سبق بيانه فلا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية وتحريك الدعوى الجزائية فيها ويتم ذلك إما من خلال قيام الهيأة بجمع المعلومات عن تلك القضايا والطلب من قاضي التحقيق اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهمين أو من خلال تلقي الهيأة للاخبارات عن تلك الجرائم بأية وسيلة ، وبذلك فإننا سنتناول اختصاص أو دور الهيأة في تلقي الإخبار عن قضايا الفساد الحكومي في مطلب أول ، إما  اختصاصها بالتحقيق في هذه الجرائم فسنبحثه في المطلب الثاني ونخصص المطلب الثالث لدورها أو اختصاصها بالطعن في القرارات والإحكام التي تصدر في تلك القضايا، علما إن القول باختصاص الهيأة بالأمور أعلاه لا يعني عدم مباشرة الجهات الأخرى لدورها في مثل هذه الجرائم وان ما نقصده هنا الدور الممنوح لها بصورة خاصة بالأمر (55) والقانون النظامي الملحق به.
المطلب الأول
اختصاص الهيأة في تلقي الإخبار عن قضايا الفساد الحكومي
يعد الإخبار بجانب الشكوى من وسائل تحريك الدعوى الجزائية  في القانون العراقي  إذ بينت ذلك المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ بالقول "تحرك الدعوى الجزائية بشكوى تحريرية أو شفوية تقدم إلى قاضي التحقيق أو المحقق أو إي مسؤول في مركز الشرطة ممن وقعت عليه الجريمة أو علم بوقوعها أو بإخبار يقدم إلى إي منهم من الادعاء العام أوالى إي من أعضاء الضبط القضائي ""،فالمادة أعلاه حددت من هي الجهات التي  تقدم إليها الدعوى الجزائية وهي قاضي التحقيق ، المحقق ،إي مسؤول في مركز الشرطة ، إي من أعضاء الضبط القضائي ، وحددت أيضا الأشخاص أو الجهات التي لها الحق في تحريك تلك الدعوى وهم ،من وقعت عليه الجريمة ، من علم بوقوعها ، عضو الادعاء العام ويبدو إن المشرع العراقي كان قد حدد حصرا الجهات التي يحق لها تحريك الدعوى الجزائية عن طريق الشكوى أو الإخبار وحدد أيضا الجهات التي تقدم إليها تلك الشكوى أو الإخبار  ، إلا انه ومع التطور التشريعي المتمثل بصدور الأمر  الخاص بهيأة النزاهة  أصبح للهيأة دورا في تحريك دعاوى الفساد الجزائية من خلال تلقي الاخبارات عنها أو قيامها بنفسها بجمع المعلومات والوثائق عن تلك القضايا ، وبذلك يمكن القول بان لهيأة النزاهة دورين في مجال تحريك الدعوى الجزائية في قضايا الفساد الحكومي هما : تلقي الإخبار من الجهات  الحكومية المختلفة والإفراد  وإيصال الإخبار عن الجرائم إلى قاضي التحقيق عندما تجمع من الأدلة ما يمكنها من تحريك الدعوى الجزائية .
وما يؤكد ذلك إن القسم الرابع من القانون النظامي نص في الفقرة (4)  منه على إن "توظف المفوضية من بين من توظفهم ،مدققي الحسابات المالية ،ومحققين ،و محققين من الدرجة الأولى ، ويخول المحقق من الدرجة الأولى ممارسة الصلاحيات المكفولة في القانون  العراقي لمحقق المحكمة ، وله إن يمارس تلك الصلاحيات في إي منطقة من العراق (54) .
وبذلك واستنادا للمادة الأولى من الأصول الجزائية التي جعلت من المحقق إحدى جهات تلقي الشكوى أو الأخبار (55)  وما ورد في الفقرة الرابعة من القانون النظامي فان للهيأة  تعد إحدى جهات تلقي الشكوى أو الإخبار عن قضايا الفساد الحكومي ،بل الأكثر من ذلك إن القسم الرابع اوجب على القاضي إن يتعامل مع أية استمارة أو طلب أو معلومات أو التماس يرد إليه من محقق من الدرجة الأولى بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع ما يرد إليه من محقق المحكمة(56) .
وتطبيقا لدور الهيأة في تلقي الإخبار عن الجرائم فقد نص القسم الرابع في فقرته الثالثة على إن تضع المفوضية إجراءات خاصة بها لاستلام مزاعم الفساد بما فيها المزاعم المغلفة ،ويقوم مكتب المحقق في الشكاوى باستلام تلك المزاعم والتحقيق فيها ، وتتخذ المفوضية جميع التدابير المناسبة والضرورية إلى الحد الأقصى الذي يسمح به القانون لحماية هوية المخبرين إلا إذا تنازل المخبر عن هذه الحماية (57)   
يضاف إلى ذلك إن القسم الخامس كان قد أوكل لمدير التحقيقات في الهيأة مسؤولية وضع إجراءات مزاعم الفساد والتحقيق فيها ، بما فيها المزاعم المغلفة ، وتنفيذا لذلك فقد أصدرت هيأة النزاهة تلك الإجراءات بتاريخ 1/10 / 2008 ونصت الفقرة الأولى من تلك الإجراءات على إن "تتلقى الهيأة الاخبارات عن مزاعم الفساد ولو كانت مغلفة بجميع وسائل إيصال  المعلومة بضمتها الهاتف والبريد الاليكتروني ووسائل الإعلام المختلفة وغيرها "  ويقوم المحقق بتدوين أقوال المخبر بدعوى إخبارية(58)  بعد تسجيله في سجل الاخبارات  إذ لا يجوز اتخاذ إي إجراء من إجراءات التحري والتحقيق ما لم تكن تلك الدعوى مسجلة في ذلك السجل .
إما إذا كان الإخبار ورادا من قاضي التحقيق فان على الموظف المختص تسجيله فورا في سجل الدعاوى الجزائية ويقوم بعرض الأمر فور تسجيل الإخبار على نفس القاضي بعد تنفيذ ما ورد في هامشه(59)  
ولقد أجازت الإجراءات الخاصة باستلام مزاعم الفساد للهيأة إيداع الاخبارات  التي لا تتضمن جرائم داخلة في اختصاصها أو الأمور التي ضمن إطار عملها إلى الجهات المختصة  الأخرى ذات العلاقة كهيأة المساءلة والعدالة  ومكاتب المفتشين العموميين في الوزارات وغيرها من الدوائر الأخرى (60) .
وبذلك فان الهيأة أصبحت إحدى الجهات التي يحق لها تلقي الاخبارات عن جرائم الفساد الحكومي مما تقدم  نجد إن منح هذه الهيأة  ذلك الحق يتطلب إجراء تعديل قانوني لقانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ في مادته الأولى  التي تنص على أن " تحرك الدعوى الجزائية بشكوى تحريرية أو شفوية تقدم إلى قاضي التحقيق أو المحقق أو إي مسؤول في مركز الشرطة ممن وقعت عليه الجريمة أو علم بوقوعها أو بإخبار يقدم إلى إي منهم من الادعاء العام أوالى إي من أعضاء الضبط القضائي "وذلك بإضافة عبارة ""أو إلى الجهات الرسمية الأخرى التي منحها القانون حق تلقي الإخبار أو الشكوى"
إما فيما يتعلق بحق الهيأة في تحريك الدعوى الجزائية من قبلها مباشرة دون إخبار من احد   فان ما متوفر من نصوص قانونية لا تتضمن أو لا تشير إلى إمكانية ذلك إلا انه يمكن تلمس ذلك الحق من خلال ما تفرضه من قواعد للسلوك  الوظيفي أو استمارات كشف المصالح المالية ، آذ غالبا ما تنص تلك القواعد على ضرورة الالتزام بها وعدم المخالفة وتتضمن أيضا إن المخالف سيتحمل المسؤولية الجزائية والتأديبية ، مثلا الفقرة (17) الواردة في نموذج قواعد السلوك الخاصة بموظفي دوائر الدولة الملحقة بالتعليمات رقم (1) لسنة 2005 الملحقة بالقانون النظامي الخاص بالهيأة جاء فيها  صورة  لتعهد يملا من قبل الموظف ويقر به تحمل المسؤولية الجزائية في حالة الإخلال بالالتزامات والضوابط الموقع  عليها . 
وجاء في  المادة (12) من اللائحة التنظيمية رقم (1) لسنة 2005 الخاصة بالكشف عن المصالح المالية(61)  ما يلي "تلاحق الهيأة جزائيا وفقا لإحكام القانون كل مكلف امتنع عن تقديم تقرير الكشف عن المصالح المالية أو امتنع عن إكمال بياناته الناقصة في المواعيد المحددة في هذه اللائحة التنظيمية ،وكذلك كل مكلف تعمد إخفاء معلومات جوهرية مطلوبة أو تقديم معلومات كاذبة فيه ، يضاف إلى ذلك إن الهيأة استحدثت قسم خاص بالتحري عن جرائم الفساد الحكومي من خلال المتابعة الفورية عن طريق النقل الاليكتروني المصور لأغلب الجرائم التي تقع في دوائر الدولة إذ تم نصب العديد من الكاميرات لهذا الغرض
فقد تم استحداث شعبة العمليات الخاصة في هيأة النزاهة للقيام بتلك المهمة(62)  فإذا ما تم ضبط تلك الحالات فان للهيأة الحق في تحريك الدعوى الجزائية ،وكان من الأحرى أن ينص صراحة على حق الهياة في تحريك الدعوى الجزائية ضمن نصوص الأمر (55) والقانون النظامي الملحق به .

المطلب الثاني
اختصاص الهيأة بالتحقيق في قضايا الفساد الحكومي
لقد أعطى المشرع في الأمر (55)والقانون الملحق به سالف الذكر لهيأة النزاهة الحق في ممارسة أعمال التحقيق في قضايا الفساد التي تدخل ضمن اختصاصها فنص القسم الرابع  من القانون  على أن  ((تتمتع المفوضية بصلاحية التحقيق في أية قضية فساد و لها أن تعرض على قاضي التحقيق بواسطة محقق من الدرجة الأولى قضية فساد وتنطوي على أعمال تمت إلى الماضي بعد 17 / تموز 1968 وعند عرض القضية على قاضي التحقيق تصبح المفوضية طرفاً في القضية(63)، ونصت الفقرة (5) من نفس القسم الرابع أعلاه على أنه (( عندما يستهل قاضي التحقيق إجراءات  التحقيق في قضية فساد يقوم بإبلاغ مدير الشؤون القانونية في المفوضية بذلك ويطلع المفوضية بسير التحقيق أولاً بأول بناءً على طلبها ويجوز للمفوضية أن تختار في أي وقت أن تتحمل هي مسؤولية التحقيق ، فإذا اختارت المفوضية أن تتحمل هذه المسؤولية ، يحول قاضي التحقيق ملف القضية الكامل إلى المفوضية فوراً ويتعاون معها ويعلمها عن القضية ويتوقف بالتحقيق الذي كان يجريه)).
إن التدقيق في النصوص أعلاه نجد أن لهيأة النزاهة صلاحية التحقيق في نوعين من قضايا الفساد وحسب الوقت الزمني الذي وقعت فيه الجريمة ،فالنوع الأول من هذه القضايا ، نجد إن الفقرة الأولى من القسم الرابع أعطت للهيأة صلاحية التحقيق في قضايا الفساد التي وقعت بعد 17 تموز 1968 ولغاية تأسيس هيأة النزاهة في 27 / 1 / 2004 ويمكن القول أن اختصاص هيأة النزاهة يمثل في القضايا التي وقعت زمن النظام السياسي الذي كان قائماً قبل 9 / 4/ 2003 ويتضح ذلك جلياً من خلال الإمعان في ديباجة الأمر (55) إذ ورد فيه العبارة الآتية ((وإشارة إلى أن العراق كان منذ زمن طويل يمنع الفساد في الحكم غير إن الفساد قد استشرى في البلاد أثناء حكم حزب البعث لأن تنفيذ إجراءات منع الفساد كان اعتباطياً و...الخ ))  بالإضافة إلى إن  التأريخ أعلاه فيه إشارة إلى بداية حكم النظام السابق ، ولقد أعطى القانون لهيأة النزاهة عند مباشرتها التحقيق في هذا النوع من القضايا الحق في عرض الأوراق التحقيقية على قاضي التحقيق بواسطة أحد محققيها من الدرجة الأولى ويبدو أن صلاحية عرض الأوراق الحقيقية على قاضي التحقيق هي جوازيه ويتضح ذلك من عبارة ((ولها)) حيث لا يمثل صفة الإلزام إلا أن هذا الأمر وحسب ما نرى يتعلق في الإجراءات الأولية لمباشرة التحقيق إذ أن هنالك بعض الإجراءات تتطلب تدخل قاضي التحقيق كإصدار أمر القبض أو التفتيش أو توقيف المتهم وهذه حقوق للإنسان مكفولة بموجب أحكام الدستور ولا يجوز مباشرتها إلا بإجراء قضائي(64) وهو ما لا تملكه هيأة النزاهة.
ويكون لهيأة النزاهة عند مباشرتها لإجراءات التحقيق في مثل هذا النوع من الجرائم صفتان(65):- الصفة الأولى صفة المحقق الذي له مباشرة التحقيق فيها والصفة الثانية أنها تعد طرفاً في مثل هذا النوع من القضايا وكلا الحالتين ورد النص عليها صريحاً ضمن الفقرة (1) من القسم (4) سالف الذكر ويترتب على كلا الصفتين نتائج مهمة الأولى إنها عندما تباشر التحقيق في مثل هذه القضايا يتوجب تحديد نوع العلاقة ما بينها وبين قاضي التحقيق خصوصاً وأن النص أعطى للهيأة صلاحية جوازيه في عرض الأوراق التحقيقية على قاضي التحقيق والثانية عند اعتبار هيأة النزاهة طرفاً في القضية فذلك يعني أن لها الحق في مباشرة جميع الحقوق الممنوحة قانوناً لأي طرف من أطراف الدعوى الجزائية مثل تقديم الطلبات والاعتراضات والطعون و إلى غير ذلك من الحقوق الواردة في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
ويبدوا لنا انه هنالك ثمة أشكال يترتب على الأخذ بما تقدم حيث تكمن صعوبة التوفيق بين اعتبار الهيأة طرفاً في القضية وبين اعتبارها جهة تحقيق حيث تنتفي صفة الحياد في هذا الجانب لأن من صفات المحقق الحيادية وعدم التمييز بين أطراف الدعوى الجزائية وبذلك ندعو إلى تعديل النص أعلاه وحصر دور الهيأة في احد الدورين إما  كونها طرفاً في القضية دون أن يكون لها الحق في التحقيق ومنحها صفة الحقوق التي يتمتع بها إي طرف في الدعوى الجزائية. أو منحها صفة المحقق مع تعين  قاضي متخصص بالقضايا التي تدخل ضمن اختصاص الهياة لممارسة عملة بصورة مستقلة عن المحاكم الأخرى على أن تخضع القرارات التي يتخذها لرقابة محكمة الجنايات بصفتها التمييزية أسوة بالقرارات الأخرى الصادرة من قضاة التحقيق .
أما في النوع الثاني من قضايا الفساد والتي تحدث بعد تأسيس هيأة النزاهة ونفاذ قوانينها فللهيأة صلاحية التحقيق في جميع هذه القضايا التي تدخل ضمن اختصاصها بواسطة محقق من الدرجة الأولى وتحت إشراف قاضي التحقيق هذا في حالة اتخاذ إجراءات التحقيق مباشرة من قبل هيأة النزاهة ولكن قد تحرك الدعوى الجزائية أمام المحقق في المحكمة أو قاضي التحقيق أو أحد مراكز الشرطة ، فهل يحق للهيأة التدخل لاتخاذ إجراءات تحقيقيه مع قاضي التحقيق؟
الجواب على ذلك ورد في صلب القانون إذ أن الفقرة (5) من القسم (4) في الأمر (55) اوجب على قاضي التحقيق عند مباشرته التحقيق في قضية فساد إبلاغ مدير الشؤون القانونية في هيأة النزاهة بذلك ويطلع المفوضية بسير التحقيق أولاً بأول بناءً على طلبها ، ويجوز للمفوضية أن تختار في أي وقت تشاء أن تتحمل مسؤولية التحقيق ، فإذا اختارت الهيأة أن تتحمل هذه المسؤولية يحول قاضي التحقيق ملف القضية بالكامل إلى الهيأة فوراً ويتعاون معها ويعلمها عن القضية ويتوقف عن القيام بالتحقيق الذي كان يجريه.ونجد إن النص على تلك الصلاحيات الواسعة لهيأة النزاهة تجعل من قاضي التحقيق كالموظف التابع لها إذ أن صيغة النص أعلاه جاءت بصيغة الوجوب والإلزام على قاضي التحقيق كالتوقف عن التحقيق وإحالة ملف القضية إلى الهيأة بالإضافة إلى وجوب إبلاغ الهيأة بقضية الفساد واطلاعه لها على سير التحقيق بناءً على طلب الهيأة ومفاد ذلك أن إبلاغ الهيأة بقضية الفساد أمر وجوبي على قاضي التحقيق والاطلاع على التحقيق من قبل الهيأة جوازي بالنسبة لها.
وقد يحدث في بعض الأحيان أن تطلب هيأة النزاهة أن تتولى هي التحقيق في القضية فساد معروضة أمام قاضي التحقيق فتطلب من قاضي التحقيق التوقف عن التحقيق وإرسال أوراق الدعوى الجزائية إلى الهيأة ويمتنع قاضي التحقيق عن إحالة أوراق الدعوى الجزائية بحجة إن التكييف القانوني للقضية لا تدخل ضمن الاختصاص النوعي الجنائي لهيأة النزاهة فيما ترى الهيأة عكس ذلك فما الحل في مثل هذه الحالة؟
إن الاطلاع على نصوص قانون هيأة النزاهة لا يسعفنا في الجواب على الحالة أعلاه إلا أنه إذا اعتمدنا نص القسم الرابع في فقرته (1) التي تجعل من هيأة النزاهة طرفاً في القضية فمعنى ذلك أن لها الحق في الطعن بقرارات قاضي التحقيق أمام محكمة الجنايات .  ويكون قراراها في هذه الحالة باتاً(66) خصوصاً أن قرار قاضي التحقيق برفض نقل الدعوى إلى الهيأة  قد يترتب عليه وقف السير في الدعوى الجزائية وبالتالي جواز الطعن فيه أمام محكمة الجنايات وحسب الاستثناء الوارد في المادة (256) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ(67).
هذا وتجدر الإشارة إلى أن القانون أعطى لمحقق هيأة النزاهة نفس الصلاحيات الممنوحة لمحقق المحكمة واوجب على قاضي التحقيق التعامل معه كما يتعامل مع محقق المحكمة(68) وبناءً على ذلك يكون للمحقق الصلاحيات الآتية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية (69) إلا إن المشكلة تكمن في إن هيأة النزاهة لا يحق لها إن تتصرف في تحديد مصير أي شخص موقوف للتحقيق معه في قضية فساد من خلال توقيفه أو إطلاق سراحه بكفالة او الى غير ذلك من الإجراءات الخاصة بقاضي التحقيق حصرا ،
وإذا ما سلمنا بوجود هذه الهيأة ومالها من دور فإننا نرى ضرورة أن يتخصص قاضي معين للتحقيق في هذه وتخضع قراراته لرقابة محكمة الجنايات بصفتها التميزية أسوة بالقرارات الصادرة من قضاة التحقيق في الدعاوى الأخرى .
وقد أوجبت إجراءات استلام مزاعم الفساد على محققي هيأة النزاهة أن يفرقوا بعلمية ومهنية عالية بين الأعمال التي تعد من الأخطاء الإدارية أو المالية أو الحاسبية أو القانونية التي لا ترقى إلى مستوى الجرائم وبين الأفعال التي تعد جرائم فساد وفقاً للنصوص العقابية الواردة في قانون العقوبات أو أي نص عقابي آخر إذا توافرت شروط الجريمة وقامت أركانها واستناداً لمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)(70)
ويتولى المحقق التحقيق في الدعاوى الإخبارية ويجري التحري بنفسه أو بواسطة التحريين المنسبين بمعيته ، فإذا تيقن من وجود جريمة ما ، وتمكن من جمع أدلة أو قرائن تشير إلى نسبتها إلى شخص ما وجب حين ذلك تسجيل تلك الدعوى الإخبارية في سجل القضايا الجزائية وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية (71)، وثمة تساؤل يستثار في مجال مباشرة الإجراءات الحقيقية ما بين قاضي التحقيق و هيأة النزاهة فيما إذا قدمت الشكوى أو الإخبار عن قضية فساد إلى كلا الطرفين (قاضي التحقيق وهيأة النزاهة) في وقت واحد ؟ فهل يطبق نص المادة (54) من قانون أصول المحاكمات الجزائية(72)
الجواب على ذلك يكون بوجوب إحالة الأوراق الحقيقية إلى الجهة التي قدمت إليها الشكوى أو الإخبار أولا إلا أن ذلك ما هو إلا تحصيل حاصل إذ إن الأمر (55) أعطى لهيأة النزاهة الحق في مباشرة إجراءات التحقيق بنفسها استناداً للفقرة (5) من القسم (4) وبالتالي يتوجب على قاضي التحقيق التوقف عن مباشرة التحقيق وإحالة الأوراق للهيأة فوراً .
المطلب الثالث
دور الهيأة بالطعن بالقرارات والأحكام الصادرة في قضايا الفساد الحكومي
يجب على قاضي التحقيق بعد انتهاء مهمته في التحقيق بالجرائم المعروضة أمامه أن يفحص الأدلة المتوفرة ضد المتهم لمعرفة مدى كفايتها للإدانة من عدمه وبالتالي يتعين عليه اتخاذ إحدى القرارات التي حددتها المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية وحسب ما يتوفر لديه من أدلة(73) . وأما بالنسبة لهيأة النزاهة فإن دورها حسب القانون رقم (55) ينتهي بإصدار قاضي التحقيق قراره الفاصل في الدعوى المتعلقة بقضايا الفساد هذا ما يتعلق بقضايا الفساد التي حدثت ونظرتها هيأة النزاهة بعد تأسيسها أما فيما يتعلق بقضايا الفساد التي حدثت بعد   17 / تموز / 1968 ولغاية تأسيس هيأة النزاهة فإن دور الهيأة يبقى مستمراً لحين صدور قرار فاصل في الدعوى من المحكمة المختصة والطعن فيه واكتسابه درجة البتات  باعتبار أن هيأة النزاهة تعد طرفاً في هذه القضايا وبموجب نص القانون كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وتجدر الإشارة إلى قرارات قاضي التحقيق التي نصت عليها المادة 130 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تكون كالأتي.
1.  قرار رفض الشكوى وغلق الدعوى نهائياً في حالة ما إذا وجد قاضي التحقيق إن الفعل لا يعاقب عليه القانون أو أن المشتكي تنازل عن شكواه وكانت الجريمة مما يجوز الصلح فيها دون موافقة القاضي أو أن المتهم غير مسؤول جنائياً. وإن ما يهمنا في هذه الحالات الأمر الذي يكون الفعل المنسوب إلى المتهم لا يشكل جريمة ولا يعاقب عليه القانون أما الحالات الأخرى كالتنازل أو الصلح أو صغر السن فلا يمكن أن تسري على الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص هيأة النزاهة.   
2.  قرار الإفراج عن المتهم : إذا وجد إن الأدلة لا تكفي لإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة فيصدر قرار بالإفراج عن المتهم ولكن الدعوى لا تنتهي بصورة نهائية مع بيان الأسباب التي دعت لاتخاذ مثل هذا القرار كأن تكون الأدلة ضعيفة أو معدومة أو عدم وجود أدلة أخرى أو قرائن تؤيد ارتكابه للجريمة(74)
علماً أن هذا القرار لا يعد من الأحكام الجزائية لأنه لا يقطع الصلة بين المتهم والجريمة فإذا أظهرت أدلة خلال سنتين من تاريخ صدور قرار الإفراج أدلة جديدة عند ذلك يجوز فتح باب التحقيق من جديد متى ما كانت تلك الأدلة كافية لمحاكمة المتهم.
فإذا ما مضت تلك المدة دون ظهور أدلة جديدة يعد قرار الإفراج نهائياً وتعد الدعوى الجزائية منتهية بصورة نهائية ولا يجوز العودة لإجراءاتها من جديد(75).
3. غلق الدعوى مؤقتاً : ويصدر قاضي التحقيق هذا القرار إذا وجد أن فاعل الجريمة مجهول وهذه الحالة غالباً ما تسجل في قضايا الفساد المالي والإداري أو أن الحادث وقع قضاءً وقدر(76)
4. قرار الإحالة: ويصدر قاضي التحقيق قراره بإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة إذا وجد أن الأدلة تكفي لمحكمته وهنا قيّد القانون حق وإجراءات قاضي التحقيق في إحالة المتهم بقضايا الفساد إلى المحكمة المختصة عندما اشترط في المادة (136) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الحصول على موافقة الوزير لإحالة الموظف إلى المحكمة المختصة(77)  وحيث أن أغلب دعاوى الفساد تقع من موظف أو مكلف بخدمة عامة فيتطلب ذلك الحصول على موافقة الوزير الذي يعمل ذلك الموظف المتهم بمعيته وهنا تبرز المشكلة ، آذ هنالك من يرى إن في وجود نص المادة 136/ب من قانون الأصول الجزائية مثال واضح على مساهمة القانون في نشر الفساد ، إذ يتحصن الموظفون المفسدون خلف نص الفقرة (ب) من المادة (136) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، ويمنعون القضاء من أن يطالهم أو يحاسبهم، تحت ذريعة عدم إعطاء الإذن من قبل الوزير المختص لغرض الإحالة إلى المحاكم المختصة  ، وخصوصا بعد إن سارت حملة مكافحة الفساد الإداري في العراق، بخطوات متسارعة ، حيث تم إجراء التحقيق مع أعداد كبيرة من الموظفين المتهمين بالقيام بإعمال تخل بواجبات الوظيفة أو الثقة المالية أو جرائم اختلاس وسواها من الجرائم التي تقع تحت طائلة المسائلة القانونية والمختصة بها هيأة  النزاهة .
           فقد ظهر عائق بوجه إكمال المحاكم لإعمالها المتصلة بالموظفين المتهمين بالجرائم المتعلقة بالفساد الإداري والمالي(78) ،  مما قيد المحاكم من الاستمرار في إجراءاتها القانونية حيث امتنع الكثير من الوزراء من منح الإذن بإحالة بعض الموظفين إلى المحاكم وكانت هذه الصلاحية تمارس بشكل انتقائي فتعطى للبعض وتمنع عن البعض الآخر، وتلك بعض من الأمثلة التي تدل على إن القانون يمثل أحيانا عاملا مساعدا في نشر الفساد، ونتيجة لذلك  لاحظت هيأة النزاهة إن العمل بتلك المادة أضحى عائقا في طريق مكافحة الفساد الحكومي  فلجأت إلى القضاء للطعن بعدم دستورية العمل بنص المادة المذكورة أمام المحكمة الاتحادية العليا(79)، فأصدرت الأخيرة قرارها المرقم (1/اتحادية/2005) في 29/5/2006(80) الذي قضى برد الدعوى للأسباب الواردة فيه، ومن خلال الإطلاع على تلك الأسباب يتبين  إن المحكمة الاتحادية العليا قد أسست الحكم على اعتبار إن العمل بالمادة (136/ب) لا يمنح الحصانة للموظف من المساءلة عن الجرائم التي يرتكبها لان المحكمة الاتحادية ترى إمكانية اللجوء إلى القضاء الإداري، إذا امتنع الوزير عن منح الإذن بالإحالة، والسؤال الذي يطرح في مجال اتجاه المحكمة الاتحادية هذا هو بماذا ستنظر محكمة القضاء الإداري؟ هل سنبحث في مدى مطابقة الأمر الصادر بالإحالة مع القانون،أي البحث في مشروعية إصدار الوزير لقراره  من الناحية الشكلية؟ أم لها أن تبحث في أصل الموضوع المتعلق بالتهمة الموجهة إلى الموظف الذي لم تحصل الموافقة على أحالته؟ فإذا كان الأمر كذلك، فان محكمة القضاء الإداري ستكون قد تجاوزت على الاختصاص النوعي أو الوظيفي للمحاكم الجنائية ، لان الخوض في ذلك هو من اختصاص تلك المحاكم حصرا ،بالإضافة إلى أن هذا الموضوع سيؤدي إلى التداخل في الاختصاص لقضائيين مختلفين في النوع كما إنهم مختلفين في طرق الطعن بقراراتهم، لان محكمة القضاء الإداري يطعن بقراراتها أمام المحكمة الاتحادية أما محاكم الجزاء يطعن بقراراتها أمام المحاكم التمييزية الاعتيادية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
ويلاحظ أن الإجراءات استلام مزاعم الفساد سالفة الذكر أوجبت على دائرة الشؤون القانونية في الهيأة  وفروعها في المحافظات متابعة الدعوى الجزائية الخاصة بقضايا الفساد بعد إرسالها لقاضي التحقيق لغرض حالتها إلى محكمة الموضوع لحين صدور الحكم الفاصل فيها واكتسابه درجة الثبات بواسطة الممثلين القانونيين لديها(81) حتى إن الفقرة (52) من تلك الإجراءات الملزمة تلك المكاتب بإرسال نسخة من قرار محكمة الجنايات أو الجنح إلى دائرة الشؤون القانونية في مقر الهيأة لغرض متابعته لحين اكتسابه درجة الثبات.
والسؤال الذي يثار في هذا الصدد ماذا  يقصد بالمتابعة؟ بمعنى آخر هل يعني متابعة الدعوى الجزائية حق الهيأة عن طريق ممثليها الطعن بالقرارات الصادرة من محكمة الموضوع سواء كانت محكمة الجنايات او الجنح ؟ يرى البعض(82) من انه ليس من حق هيأة النزاهة الطعن في القرارات الصادرة من محكمة الموضوع باعتبار إن قانون أصول المحاكمات الجزائية حدد وعلى سبيل الحصر الأطراف التي يحق لها الطعن بموجب المادة (249) من ذلك القانون وهم الإدعاء العام والمتهم والمشتكي والمدعي المدني والمسؤول مدنياً.
ونرى إن القول أعلاه على إطلاقه غير صحيح خصوصاً إن الأمر (55) قد جعل من هيأة النزاهة في بعض القضايا طرفاً في القضية وبالتالي فإن لها الحق في التمتع بكافة الحقوق الممنوحة لأطراف الدعوى الجزائية ومن بينها حق الطعن.وهذا ما ذهبت إليه محكمة التمييز الاتحادية في قراراها ذي العدد 5845/ جزائية/ 2006ت / 5201 في 24/12/2006 .
إذ جاء فيه :- بتاريخ 7/8/2006 قرر قاض تحقيق هيأة النزاهة الإفراج عن المتهمين عبد الجبار جهاد وسعدي حبيب حسين مؤقتاً استناداً لأحكام المادة 130/ب الأصولية وإخلاء سبيلهما من التوقيف ولعدم قناعة رئيس هيأة النزاهة العامة إضافة لوظيفته بالقرار فقد طعن به تمييزا بواسطة وكيله الموظف الحقوقي باسم جليل إبراهيم طالبا نقضه للأسباب الواردة في لائحته التمييزية المؤرخة 16/8/2006 قررت محكمة جنايات بابل بصفتها التمييزية بعدد 650/ت/2006 وبتاريخ 31/8/2006 رد لائحته التمييزية شكلا وتحميل المميز رسم التمييز ولعدم قناعة طالب الطعن  التدخل التمييزي رئيس هيأة النزاهة العامة إضافة لوظيفته بالقرار المذكور فقد طعن به وكيله طالبا نقضه للأسباب الواردة بلائحته المؤرخة 27/9/2006 .
القرار
... لدى التدقيق والمداولة وجد أن الطعن بطريق التدخل أنصب على قرار محكمة جنايات بابل بصفتها التمييزية رقم 650/ت/2006 في 31/8/2006 ولدى وضع اضبارة الدعوى موضع التدقيق والمداولة وجد ان محكمة جنايات بابل وبقرارها أعلاه قد ردت الطعن المقدم من قبل هيأة النزاهة على قراري قاضي تحقيق النزاهة المؤرخين 6و7/8/2006 القاضي بالإفراج عن المتهم عبد الجبار جهاد وسعدي حبيب حسن على أساس انه قدم من جهة ليس لها حق الطعن بالقرار دون أن تلاحظ أن قرار سلطة الائتلاف رقم (55) لسنة 2004 القسم (1/4) قد اعتبر إن المفوضية طرفاً في القضايا المتعلقة بالفساد الإداري عليه وبناء على ما تقدم واستناداً لأحكام المادة (264) من قانون الأصول الجزائية قرر التدخل بقرار محكمة الجنايات بابل المرقم 650/ت/2006 في 31/8/2006 ونقضه وإعادة الاضبارة إلى محكمتها للنظر في الطعن المقدم من قبل مفوضية النزاهة وفق الأصول وصدر القرار بالاتفاق في 4/ذي القعدة/1427 هـ الموافق 24/12/2006. (83) .


















الخاتمة
بعد إن انهينا دراسة موضوع البحث توصلنا الى عدة نتائج وتوصيات تتلخص بالاتي :
أولا : تبين لنا إن الأساس القانوني لعمل الهيأة هو الأمر(55 ) والقانون النظامي الملحق به وتبين أيضا إن الأمر أعلاه كان قد وضع على عجالة من الأمر مما شابه الكثير من اللبس والأخطاء 
 - ونوصي المشرع العراقي وخصوصا في هذه الفترة التي يعرض مشروع قانون هيأة النزاهة للتصويت عليه في مجلس النواب  إلى إلغاء الأمر (55 ) وتلافي جميع الأخطاء التي شابت الكثير من نصوصه .
ثانيا : إما من حيث الطبيعة القانونية لهيأة النزاهة  فان الأمر الخاص بالهيأة ودستور العراق لعام 2005 جعلاها من الهيات المستقلة إلا إن الملاحظ على آلية تعيين رئيس الهيأة نجد ها تجانب صفة الاستقلالية إذ يخضع احد المرشحين  من بين مرشحي مجلس القضاء الأعلى الثلاثة  لتزكية رئيس الوزراء ، مما يجعله خاضع نوعا ما لرغبات الأخير  ونوصي المشرع العراقي بتعديل النص الخاص بآلية تعيين رئيس الهيأة من خلال إلغاء الفقرة الخاصة  بان يختار رئيس الوزراء احد المرشحين ليتم التصويت عليه في مجلس النواب ونقترح أن يتم الترشيح من قبل مجلس القضاء الأعلى ويتم الاختيار من قبل مجلس النواب بصورة مباشرة وعلى أساس ما يعرض من كفاءة وخبرة عملية  .
ثالثا : وفيما يتعلق بمساءلة رئيس هيأة النزاهة أمام الهياة  التشريعية (مجلس النواب حاليا )  نجد إن النصوص الواردة في القانون النظامي غير دقيقة وجاءت بصورة تحتمل التأويل مما يساعد على الاجتهاد في تفسيرها مثل اتهامه بعدم الكفاءة أو بسبب إساءته للتصرف على نحو خطير سواء كان ذلك بصفته الرسمية أو الشخصية أو بسبب تقصيره في تأديته لمهامه أو بسبب إساءته لاستخدامه لمنصبه .
ونوصي المشرع العراقي إلى تعديل النص أعلاه وتحديد حالات المساءلة بصورة صريحة وواضحة لا تثير اللبس والتأويل والاجتهاد  .
رابعا : إما فيما يتعلق بالاختصاص النوعي لهيأة النزاهة نجد انه وبما إن العراق انضم إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2004  فانه يتوجب على المشرع العراقي الأخذ بالجرائم الواردة في تلك الاتفاقية والتي لا توجد ضمن قانون العقوبات إذ نصت الاتفاقية مثلا على  تجريم رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية –(م16)  وجريمة الرشوة في القطاع الخاص  - (م 21 ) واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص(م 22 ) .
ونوصي المشرع العراقي لمعالجة هذا الموضوع منعا للتعارض ما بين الاتفاقية وقانون العقوبات العراقي .
خامسا : وفيما يتعلق بالاختصاص النوعي لهيأة النزاهة وجدنا أن جميع الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص هيأة النزاهة هي تلك الجرائم الواردة في قانون العقوبات ، وان اغلبها تتعلق بالوظيفة العامة ،إلا آن الملاحظ إن اختصاص الهيأة لا يشمل الجرائم الأخلاقية التي يمارسها الموظف أو المكلف بخدمة عامة
 ونوصي المشرع العراقي إلى شمول  مثل هذه الحالات باختصاص الهياة لان اغلب هذه الجرائم تؤدي إلى الإساءة لسمعة الوظيفة العامة بالإضافة إلى تبذير المال العام .
سادسا : وجدنا إن واضعوا الأمر (55) والقانون النظامي الملحق به  قد خلطوا بين الجريمة ذاتها والظرف المشدد الملحق بها وذلك عندما ، قاموا  بتعديل المادة (135 ) من قانون العقوبات بموجب القسم السادس ، وهذه المادة تتعلق بالأصل بالظروف المشددة العامة فأضاف إليها ظروف أخرى ،وقبلها اعتبر تلك الظروف من قضايا الفساد  في القسم الثاني 4/ج كما اشرنا في متن البحث  ، وبذلك  يبدو التعارض واضحا فيما يتعلق بتشديد عقوبة الجريمة والجريمة ذاتها حيث إن واضعوا الأمر( 55) والقانون النظامي لم يميزوا بين الحالتين إذ إن اغلب ما ورد في الفقرات المضافة هي تشكل بالأصل جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات بالإضافة إلى تجريمها واعتبارها قضايا فساد بموجب القسم الثاني 4 /ج من القانون الملحق بالأمر  55 .
ونوصي المشرع العراقي إلى إلغاء هذه الإضافات وإزالة هذا الإرباك التشريعي .
سابعا : ونفس الأمر يسري فيما يتعلق بتعديل نص المادة ( 136) من قانون العقوبات اذ  نجد إن تعديل المادة (136 ) من قانون العقوبات بموجب القسم السادس أيضا جاء في غير محله إذ إن المادة أعلاه تنص على صلاحية المحكمة في تشديد العقوبة إذا توافر احد الظروف الواردة في  المادة (135)   ،إذ جاء التعديل بالنص الأتي :-   4- إذا كان العمل ينطوي على مخالفة للأحكام الواردة في الأقسام الفرعية 2/4 (أ إلى د) من قانون المفوضية يفقد  مرتكب المخافة فورا وبصورة دائمة أهليته للعمل في وظيفة حكومية أو التعاقد على توفير بضائع أو خدمات للحكومة ، إن الذي يتفحص النص أعلاه يجد إن شقا منه تضمن "عقوبات تبعية "مثل الحرمان من الوظيفة العامة للأبد  أو التعاقد على توفير بضائع للحكومة  ، وهذا لا يجوز إدراجه ضمن صلاحية المحكمة  وخياراتها في تشديد العقوبة عند توافر ظرف مشدد وإنما تدرج ضمن  موضوع العقوبات التبعية التي نضمها المشرع العراقي ضمن الفصل الثاني  من الباب الخامس من قانون  العقوبات العراقي.
وبذلك نوصي المشرع العراقي إلى الانتباه لمثل هذه الحالة وإزالة التناقض الوارد فيها عند تشريع القانون الجديد  الخاص بهيأة النزاهة .
ثامنا : وجدنا إن الأمر (55) والقانون النظامي الملحق به قد جعلا من هيأة النزاهة إحدى الجهات التي لها الحق  تلقي الاخبارات عن جرائم الفساد الحكومي ،مما يتطلب تعديل المادة الأولى من قانون أصول المحاكمات النافذ ،
ونوصي بإضافة عبارة  "أو إلى الجهات الرسمية الأخرى التي منحها القانون حق تلقي الإخبار أو الشكوى  "عند تعديل المادة الأولى من  ذلك القانون .

تاسعا : وجدنا إن لهيأة النزاهة دورين في مجال جرائم الفساد الحكومي إذ  لها الحق في التحقيق في تلك الجرائم ، مع حقها في اعتبارها طرفا في تلك القضايا وهذا لا يصح من الناحية القانونية لانتفاء صفة الحيادية لدى الهياة عند ممارستها للتحقيق مع اعتبارها طرفا في القضية
ونوصي بضرورة حصر دور الهيأة في احد الدورين إما  كونها طرفاً في القضية دون أن يكون لها الحق في التحقيق ومنحها صفة الحقوق التي يتمتع بها إي طرف في الدعوى الجزائية،أو منحها صفة المحقق مع تعين  قاضي متخصص بالقضايا التي تدخل ضمن اختصاص الهياة لممارسة عملة بصورة مستقلة عن المحاكم الأخرى على أن تخضع القرارات التي يتخذها لرقابة محكمة الجنايات بصفتها التمييزية أسوة بالقرارات الأخرى الصادرة من قضاة التحقيق .
عاشرا : تبين لنا وجود إرباك وعدم توازن في الصلاحيات الممنوحة لمحققي هيأة النزاهة فمن ناحية نجد إن القانون يعطي المحقق صلاحيات كبيرة جدا من حيث سحب أوراق التحقيق من إي قاضي مع وجوب إخبار القاضي الذي يباشر التحقيق في قضايا الفساد الحكومي لهيأة النزاهة بها بالإضافة إلى إن القانون اوجب على قضاة التحقيق التوقف عن التحقيق وإحالته الى الهياة عند طلب الأخيرة ذلك، إلا انه من ناحية أخرى نجد إن المحقق في الهياة لا يملك اتخاذ إجراء وخصوصا ما يمس حرية المتهم كالتوقيف مثلا إلا بالرجوع إلى نفس القاضي الذي كان ينظر القضية .
وبذلك نوصي بتخصيص قاضي متخصص بالقضايا التي تدخل ضمن اختصاص الهياة لممارسة عملة بصورة مستقلة عن المحاكم الأخرى على أن تخضع القرارات التي يتخذها لرقابة محكمة الجنايات بصفتها التمييزية أسوة بالقرارات الأخرى الصادرة من قضاة التحقيق .
احد عشر : وجدنا ان القانون قد حصر دور الهياة بالطعن في الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم الموضوع بالقضايا التي حدثت قبل تأسيس الهياة فقط وهذا غير صحيح لضرورة أن يكون دور الهياة موحدا في جميع القضايا .
ونوصي بضرورة تعديل النص الذي يشير لذلك ومنح الهياة الحق في الطعن بجميع القرارات التي تصدر من محاكم الموضوع وخصوصا بعد ان يتم تعديل النص باعتبارها طرفا في قضايا الفساد الحكومي ، وهذا ما ذهبت إليه محكمة التمييز الاتحادية في احد قراراتها كما سبقت الإشارة إليه .
اثنا عشر : تبين لنا إن للقانون في بعض الأحيان دور في نشر الفساد الحكومي من خلال إعاقة اتخاذ بعض الإجراءات القضائية  ويتمثل ذلك بالمادة 136 /ب من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تمنع إحالة الموظف إلى المحكمة المختصة ما لم يوافق الوزير التابع له ذلك الموظف

ونوصي المشرع العراقي بضرورة إلغاء تلك المادة أو تعديلها من خلال الاستئناس برأي الوزير من قبل المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية دون إن يكون له الحق في منع الإحالة لان منع الإحالة يعد تدخلا من السلطة التنفيذية بإعمال السلطة القضائية .
















الهوامش
1.      الآيات  ( 11و12 ) من سورة البقرة .
2.      انظر القسم الأول من الأمر 55 .
3.      انظر ديباجة الأمر 55 .
4.      انظر الفقرة (ب) من القسم الثاني من الأمر 55.
5.      انظر الفقرة (ج/4) من القسم الثاني من الأمر 55.
6.      إذ نص القسم الثالث على ذلك بالقول ((...ويجوز للمفوضية أن تطور وتقترح سن تشريعات إضافية وان تصدر لوائح تنظيمية يجيزها هذا الأمر ....))
7.      القاضي رحيم العكيلي –هدف مفوضية النزاهة العامة والوسائل القانونية لتحقيقه –إصدارات  حقوقيه – هيأة النزاهة –بدون سنة طبع – ص3 .
8.   للمزيد عن هذا الموضوع انظر – سرمد عامر – صلاحيات سلطات الاحتلال في إصدار وإلغاء القوانين الوطنية وفقا لقواعد القانون الدولي –بحث منشور في مجلة كلية التربية /بابل  – العدد الثاني- المجلد الأول -  السنة السادسة - 2008 –ص 208 إلى 218 .
9.   يقصد بالمرحلة الانتقالية بأنها المرحلة التي تبدأ من 30 حزيران 2004 حتى تشكل حكومة بموجب دستور دائم بموعد أقصاه 31 كانون الأول 2005 .( انظر المادة الثانية من قانون إدارة الدولة العراقية)
10.  انظر القسم الأول من الأمر 55 .
11.  انظر القسم الأول من القانون النظامي
12.  القاضي رحيم العكيلي –علاقة مفوضية النزاهة العامة بغيرها من الأجهزة الحكومية – من إصدارات هيأة النزاهة –بدون سنة طبع – ص1 .
13. يقصد بمبدأ استقلال القضاء .انه لا سلطان على القاضي وهو يؤدي مهمته المقدسة لغير القانون ، وليس لأحد إن يملي عليه سوى ضميره ويترتب على ذلك انه ليس للسلطة التنفيذية ولا القضائية إي حق في التدخل بالشئون الخاصة بالسلطة القضائية ولا القيام بنزع اختصاص من اختصاصاتها –انظر د.عبد الغني بسيوني –مبدأ  المساواة أمام القضاء وكفالة حق التقاضي –منشورات الحلبي الحقوقية –ط2 – ص32 و33.
14.  نص دستور العراق لعام 2005 على هذا المبدأ في المادة (  19) منه بالقول "القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ".
15.  القاضي رحيم العكيلي – علاقة مفوضية النزاهة – مصدر سابق – ص1.
16.  انظر المادة (35) من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية  .
17.  للمزيد عن دور ديوان الرقابة المالية انظر الأمر رقم (77) لسنة 2004 الصادر عن سلطة الائتلاف المحتلة للعراق آنذاك .
18. تجدر الإشارة إلى إن العراق انضم إلى الاتفاقية أعلاه بموجب القانون رقم (35) لسنة 2007 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية ذي العدد 4093 في 20 تشرين الأول لعام 2008 .
19. لابد من الإشارة إلى إن الأمر 55 الخاص بهيأة النزاهة لم  يطلق عبارة دعاوى الفساد على الجرائم التي تنظرها الهيأة بل اسماها بقضايا الفساد– (  القسم الرابع من الأمر 55  ) يضاف إلى ذلك إن قانون المحكمة الجنائية المركزية العليا في العراق والمختصة بالنظر في هذه القضايا أسماها بقضايا الفساد الحكومي –انظر قانون المحكمة المرقم ب (13 ) لسنة 2004 – القسم ( 18 /ج) وبذلك فإننا سنلتزم التسمية أعلاه في مفردات هذا البحث .
20.  لسان العرب لابن منظور – ج 1 – ط3 – دار احياء التراث العربي – بيروت –لبنان – بدون سنة طبع – ص 261 .
21.  World Banka: Helping Countries Combal Corruption: The Role of the World Bank, (2)Washington , 1997:24,
22.  انظر الموقع الاليكتروني – www.dw-world.de ))
23.  د. فايزه الباشا – الفساد الإداري واليات مكافحته – بحث مقدم إلى المركز العالمي لدراسات الكتاب الأخضر – ليبيا - 2005 - ص12 .
24. الفساد الأسباب والمعالجات – من إصدارات جمعية سفراء ألطف بالتعاون مع برنامج المجتمع المدني العراقي – منظمة جنوب الأوسط  - 2008 – ص1.
25. تجدر الإشارة إلى إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سالفة الذكر قد وصفت الفساد في ديباجتها بأنه  ظاهرة عالمية تمس كل المجتمعات وانه لم يعد شانا محليا ، لذا نجد إن تلك الاتفاقية تضمنت فصلا مستقلا لتجريم تلك الأفعال وألزمت الدول الإطراف على اتخاذ التدابير التشريعية لتجريم الأفعال المكونة لظاهرة الفساد –انظر الفصـــــل الثالث من الاتفاقية –المواد (15 إلى 42) .
26.  سالم روضان الموسوي – دور القانون في نشر الفساد –بحث منشور على موقع الحوار  المتمدن -2008-http://www.ahewar.org/ - .
27.  سالم روضان – المصدر السابق .   -2008   -http://www.ahewar.org/ -
28. من الناحية التاريخية ،تجدر الإشارة إلى إن العراق  من الدول التي عملت على مكافحة ظاهرة الفساد    الحكومي منذ وقت بعيد إذ صدر القانون رقم (15) لسنة 1958 والذي أطلق عليه تسمية قانون (الكسب غير المشروع على حساب الشعب ) وبذلك فان الفساد ليس حالة  مستجدة في المجتمعات بل هي ظاهرة تختفي وتظهر حسب الظروف التي يمر بها المجتمع .
29. إذ يذكر الأستاذ الدكتور قاسم حسن صالح  رئيس الجمعية النفسية العراقية في دراساته عن سيكولوجيا الفساد المالي والإداري في العراق ،إن ما يمر به العراق ألان في زمن الاحتلال الأمريكي يشبه ما حصل في زمن الاحتلالين العثماني والبريطاني في النصف الأول من القرن الماضي . إذ يذكر معروف الرصافي في كتابه "الرسالة العراقية " ، ما يأتي بخصوص الفساد المالي والإداري:" وكانت الرشوة فاشية ، فكان الصعلوك إذا تسنم منصبا فلا تمر عليه أيام إلا وقد أصبح من أهل الثراء . وكانت الأمور لا توسّد إلى أهلها ، فلا الكفاية ولا المقدرة ولا الاستقامة ولا الصدق ولا الأمانة ..إنما توسّد بأحد عوامل ثلاثة " المنسوبية " و" المحسوبية " و " الرشوة " ( ص 55). " ولا استطيع ان أتصور حكومة تفشى فيها الارتشاء والاختلاس أكثر من حكومة العراق-يقصد التي نصّبها المحتل البريطاني"(ص 58).  وليس مصادفة أن يأتي العراق في زمن الاحتلال الأمريكي ثالثا في قائمة أسوأ بلدان العالم من ناحية الفساد المالي و الإداري بعد مانيمار والصومال وفق تصنيف منظمة الشفافية الدولية . وهذا يعني نتيجة منطقية واحدة هي أنه حيثما كان هنالك احتلال كان هنالك فساد مالي وأداري.غير أن واقعه الآن أسوأ وأقبح وأوقح مما كان عليه في زمن الاحتلالين العثماني والبريطاني .   انظر تلك  الدراسات على موقع جيران( www.jeeran.net)على شبكة الانترنت – تحت عنوان –في سيكولوجيا الفساد المالي والإداري –  بتاريخ 27/9/2008 .
30.  د. فايزه الباشا – مصدر سابق – ص11 .
31.  جلال معوض –الفساد السياسي في الدول النامية – مجلة دراسات عربية –بيروت –العدد الرابع –السنة الثالثة والعشرون  -1987 – ص56 .
32.  الفساد –الأسباب والمعالجات –جمعية سفراء ألطف  – مصدر سابق – ص10
33.  انظر  النزاهة والشفافية والفساد –من إصدارات هيأة النزاهة  -دائرة التعليم والعلاقات  العامة -2006 – ص 4و5 .
34.  جلال معوض - مصدر سابق – ص59 .
35.  المصدر السابق – ص59 .
36.  انظر المادة (138) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي  رقم 23 لسنة 1971 .
37. بما إن العراق انضم إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سالفة الذكر فانه يتوجب على المشرع العراقي الأخذ بالجرائم الواردة في تلك الاتفاقية والتي لا توجد ضمن قانون العقوبات إذ نصت الاتفاقية مثلا على  تجريم رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية (م16 )  وجريمة الرشوة في القطاع الخاص (م 21) واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص (م22)
38.  يعرف التقليد بأنه "صنع شيء كاذب يشبه شيئا صحيحا – انظر المادة (274) من قانون العقوبات العراقي النافذ .
39.   انظر المادة (276)لا من قانون العقوبات العراقي .
40.  انظر المادة (292 ) من قانون العقوبات العراقي .
41. تعرف الرشوة بأنها (طلب الفائدة أو قبولها من جانب الموظف العام  مقابل عمل وظيفي يختص به حقيقة أو حكما ) - د. عوض محمد – الجرائم الماسة بالمصلحة العامة –دار المطبوعات الجامعية –الإسكندرية 1985 – ص3 .
42. الاختلاس يعني (اخذ الموظف أو المكلف بخدمة عامة لشيء هو أصلا في حيازته) د. واثبة السعدي – قانون العقوبات – القسم الخاص -1988-1989 – ص31 .
43.  عالج المشرع العراقي هذه الجرائم ضمن الفصل الثالث من الباب السادس من قانون العقوبات المخصص للجرائم المخلة بواجبات الوظيفة .
44.  د.  فخري عبد الرزاق ألحديثي – شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ، ط3 ،الناشر – العاتك بالقاهرة ، 2007 ، ص 75 .
45.  د. واثبة السعدي –  مصدر سابق – ص31 .
46.  انظر المادة 322 من قانون العقوبات العراقي .
47.  انظر المواد 323و324  من قانون العقوبات العراقي
48.  انظر المادة 327 من قانون العقوبات العراقي
49.  انظر المادة 341 من قانون العقوبات العراقي .
50.  المستشار محمد فهيم درويش –الجرائم الجنسية –مطبعة دار داوود – مصر – الطبعة الأولى -2008 – ص 50 إلى 52 .
51.  انظر مثلا المادة (96) من القانون التي تحرم المحكوم عليه بالسجن المؤبد أو المؤقت من الوظائف والخدمات التي كان يتولاها .
52.  انظر د. منذر كمال عبد اللطيف –السياسة الجنائية في قانون العقوبات العراقي –دار الرسالة للطباعة -1978 – ص33 .
53. انظر د.نبيه صالح .الوسيط في شرح مبادئ الإجراءات الجزائية .الجزء الاول .منشأة المعارف ، الإسكندرية 2004 ص95 . كما عرفت الدعوى الجزائية بأنها مجموعة من الإجراءات تلجا بموجبها النيابة العامة الى القضاء وان السبب المنشأ لهذه الدعوى هو ارتكاب الجريمة أي تحقق وضع إجرامي معين . انظر د.نبيه صالح المصدر السابق ص96 . كما عرفت بأنها (وسيلة المجتمع إلى السلطة القضائية من اجل توقيع العقاب على مرتكب الجريمة) د.عبد الحكم فودة .انقضاء الدعوى االجنائية وسقوط عقوبتها .منشأة المعرف بالإسكندرية . 2005 ص11 .
54. تجدر الإشارة إلى إن  عمل محقق النزاهة يكون تحت إشراف محكمة التحقيق المركزية حصراً ، حيث إن جرائم الفساد الإداري من الجرائم التي تقع ضمن إعمال محكمة الجنايات المركزية  إلا إذا تم العمل بموجب الاستثناء المشار إليه في الفقرة (4) من القسم (4) من القانون النظامي  الذي أجاز للمحقق العمل في كل أنحاء العراق وفي بعض المناطق لا يوجد فيها محكمة مركزية قريبة أو انه في منطقة نائية وكذلك الاستثناء عندما تتولى المفوضية مسؤولية التحقيق ] انظر الفقرة (2) من القسم (18) من الأمر  (1) لسنة ( 2003) المعدل المنشور في الوقائع العراقية العدد( 3978) .
55.  بالإضافة لما ورد في المواد (47و48) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي من حالات للإخبار الوجوبي والجوازي عن الجرائم .
56.  هذا ولمحقق النزاهة بالإضافة لإعماله الخاصة بالتحقيق في قضايا الفساد الحكومي الصلاحيات الآتية وفق قانون الأصول الجزائية العراقي وهي :
1. قبول الشكوى المادة (1) أصولية        
2-.المباشرة في التحقيق المادة(35/1أصولية
3. تلقي تقارير ومطالعات ضباط الشرطة وأعضاء الضبط القضائي المادة (49/1) أصولية
4. إصدار الأوامر بالتحقيق إلى ضباط الشرطة وأعضاء الضبط القضائي والنظر في الأوراق التحقيقية المادة (50/1) أصولية
5. تولي التحقيق الابتدائي تحت إشراف قاضي التحقيق المادة (51/1) أصولية
6. إجراء التحقيق و الكشف على محل الحادث في الجرائم المادة (52/1، 2) أصولية
7. منع أطراف الدعوى من حضور التحقيق للأسباب التي حددها القانون المادة (57/1) أصولية
8. تدوين إفادات الشهود من الأشخاص الذين يعلم المحقق إن شهاداتهم منتجة في التحقيق المادة (58) أصولية
9. دعوة الشهود وتحرير أوراق التكليف بالحضور (59/1) أصولية
10. التوقيع على كافة محاضر التحقيق وتكون لها صفة الأوراق الرسمية المادة (63/1) أصولية
11. الإذن بتوجيه السؤال إلى الشاهد المادة (64/1) أصولية
12. تدوين الملاحظات التي يراها على الشاهد المتعلقة بأهليته لأداء الشهادة في المحضر المادة (65/1) أصولية
13. الانتقال إلى محل الشاهد لتدوين إفادته المادة (67) أصولية
14. انتداب خبير ليبان الرأي بأمر له صلة بالجريمة محل التحقيق والحضور عند مباشرة الخبير لعمله (69/1) أصولية
15. إرغام المتهم في الكشف عن جسمه واخذ تصويره الشمسي او بصمة أصابعه او قليل من دمه او شعره او أظافره أو غير ذلك مما يفيد التحقيق لإجراء الفحص اللازم عليها
57. تجدر الإشارة إلى إن المشرع العراقي كان قد اصدر قانونا خاصا لحماية المخبرين السريين ومكافئتهم عن الاخبارات التي تساعد في الكشف عن بعض الجرائم ومنها جرائم الفساد المالي والإداري – انظر المادة (2/رابعا ) من القانون ذي العدد ( 33 )  لسنة  2008 .
58.  انظر الفقرة الثانية من إجراءات استلام مزاعم الفساد لعام 2008 .
59.  انظر الفقرة الثالثة من إجراءات استلام مزاعم الفساد لعام 2008 .
60.  انظر الفقرة الخامسة  من إجراءات استلام مزاعم الفساد لعام 2008 .
61. من الملاحظات على قانون الهيأة انه قصر فئات محددة من الموظفين والمكلفين بخدمة عامة بالكشف عن مصالحهم المالية إذ نصت الفقرة الخامسة من القسم الثاني من القانون النظامي على إن الأشخاص الذين يسري عليهم متطلبات الكشف عن المصالح الملية هم :
أ - أعضاء مجلس الحكم ونوابهم 
ب - الوزراء ونواب الوزراء
ج – المحافظون
د – القضاة 
ه – رئيس المفوضية ونائبيه وجميع المدراء ومحققي المفوضية
و – أعضاء الهيأة التشريعية لما بعد الانتقال
ز – المسؤول التنفيذي الرئيسي للعراق أثناء فترة الانتقال وبعدها . على العكس من القانون رقم (15) لسنة 1958 سالف الذكر إذ شمل جميع موظفي الدولة بذلك .
62.  انظر موقع الهيأة على شبكة الانترنت : email:hotlinenazaha@yahoo.com
63.  الفقرة الأولى من القسم (4).
64. إذ نصت المادة (17) من الدستور العراقي لعام 2005 في فقرتها الثانية على أن (حرمة المساكن مصونة ولا يحق دخولها أو تفتيشها أو التعرض لها إلا بقرار قضائي. كما نصت المادة (37/7) من الدستور على أنه ((لا يجوز توقيف أحد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي)).
65.  القاضي رحيم العكيلي – العلاقة بين مفوضية النزاهة العامة وقاضي التحقيق – من إصدارات هيأة النزاهة دون  سنة طبع -  ص1.
66.  الفقرة (د) من المادة 256 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي.
67. إذ تنص الفقرة (ج) من المادة أعلاه على أن (( تراعى أحكام الفقرة (ج) من المادة 249 فيما ما لا يجوز الطعن فيه تمييزاً على انفراد من أحكام وقرار محكمة الجنح وقاضي التحقيق))                  إذ تنص الفقرة (ج) أعلاه على ما يلي ...(( لا يقبل الطعن تمييزاً على انفراد في القرارات الصادرة في مسائل الاختصاص والقرارات الإعدادية والإدارية وأي قرار آخر غير فاصل في الدعوى إلا إذا ترتب عليها منع السير في الدعوى ...))
68.  انظر الفقرة (4) من القسم الرابع.
69.  انظر ما سبق بيانه في صفحة (   25 ) من هذا البحث
70.  انظر الفقرة (13) من الإجراءات.
71.  انظر الفقرة (22) من الإجراءات
72. إذ تنص الفقرة (أ) من المادة أعلاه على انه (( إذا قدمت شكوى او إخبار ضد متهم إلى جهتين مختلفتين أو أكثر من جهات التحقيق وجب إحالة الأوراق التحقيقية إلى الجهة التي قدمت إليها الشكوى أو الإخبار أولا)).      
73.  انظر د. سليم حربة  وعبد الامير العكيلي – شرح قانون الأصول الجزائية – ج 1 الدار الجامعية للطباعة والنشر والترجمة ، 1988– ص162 .
74.  د. سليم حربة – مصدر سابق – ص163
75.  المصدر السابق – ص163
76.  انظر الفقرة (ج) من المادة 130.
77. إذ تنص الفقرة (ب) من المادة (136) على ما يأتي: ((فيما عدا المخالفات المعاقب عليها بموجب قانون المرور رقم 48 لسنة 197(1 المعدل والبيانات الصادرة بموجبه لا تجوز إحالة المتهم على المحاكمة في جريمة ارتكبت أثناء تأدية وظيفته الرسمية أو بسببها إلا بأذن من الوزير التابع له مع مراعاة ما تنص عليه القوانين الأخرى)).
78. القاضي سالم روضان – دور القانون في نشر الفساد –بحث منشور على شبكة الانترنت – موقع الحوار المتمدن 2008-http://www.ahewar.org/ -  
79. تجدر الإشارة إلى انه تم  بإعادة العمل بالمادة 136/ب من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل ، حينما أصدرت الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور أياد علاوي الأمر رقم 14 لسنة 2005 ، الذي قضى بإعادة العمل بتلك المادة التي تستوجب (استحصال إذن الوزير عند إحالة الموظف على المحاكمة في جريمة ارتكبت أثناء تأدية وظيفته الرسمية أو بسببها إلا بأذن من الوزير التابع له ) بعد أن الغي بموجب الأمر رقم 3 لسنة 2003 .
80.  القرار غير منشور .
81.  انظر الفقرتين (50 و 51) من إجراءات استلام مزاعم الفساد
82.  القاضي رحيم العكيلي – العلاقة بين مفوضية النزاهة وقاضي التحقيق  - مصدر سابق – ص3
83.  القرار غير منشور
المصادر
((القران الكريم ))
أولا الكتب :
1-    ابن منظور – لسان العرب – ج1 – ط3 – دار احياء التراث العربي –بيروت –لبنان – بدون سنة طبع
2-    د.سليم حربة وعبد الامير العكيلي – شرح قانون الأصول الجزائية  – ج1 – الدار الجامعية للطباعة والنشر والترجمة – بغداد-1988
3-    عبد الغني بسيوني –مبدأ  المساواة أمام القضاء وكفالة حق التقاضي –منشورات الحلبي الحقوقية –ط2-بدون سنة طبع
4-    د.عبد الحكم فودة – انقضاء الدعوى الجنائية وسقوط عقوبتها - منشأة المعارف – الإسكندرية 2005
5-    د.عوض محمد – الجرائم الماسة بالمصلحة العامة –دار المطبوعات الجامعية –الإسكندرية 1985
6-    د.فخري عبد الرزاق ألحديثي – شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ، ط3 ،الناشر –العاتك بالقاهرة ، 2007
7-    محمد فهيم درويش –الجرائم الجنسية –مطبعة دار داوود – مصر – الطبعة الأولى -2008
8-    د.منذر كمال عبد اللطيف –السياسة الجنائية في قانون العقوبات العراقي –دار الرسالة للطباعة -1978
9-    د.نبيه صالح – الوسيط في شرح مبادئ الاجراءات الجزائية – الجزء الأول-منشأة المعارف – الاسكندرية 2004
10- د.واثبة السعدي –قانون العقوبات –القسم الخاص -1988-1989.
ثانيا :- البحوث والإصدارات
1-    جلال معوض –الفساد السياسي في الدول النامية – مجلة دراسات عربية –بيروت –العدد الرابع –السنة الثالثة والعشرون  -1987
2-    رحيم العكيلي – العلاقة بين مفوضية النزاهة العامة وقاضي التحقيق – من إصدارات هيأة النزاهة دون  سنة طبع
3-    رحيم العكيلي –علاقة مفوضية النزاهة العامة بغيرها من الأجهزة الحكومية – من إصدارات هيأة النزاهة –بدون سنة طبع
4-    رحيم العكيلي –هدف مفوضية النزاهة العامة والوسائل القانونية لتحقيقه –إصدارات  حقوقيه – هيأة النزاهة –بدون سنة طبع
5-  سرمد عامر – صلاحيات سلطات الاحتلال في إصدار وإلغاء القوانين الوطنية وفقا لقواعد القانون الدولي –بحث منشور في مجلة كلية التربية /بابل  – العدد الثاني- المجلد الأول -  السنة السادسة – 2008
6-    د. فايزة الباشا –الفساد الإداري واليات مكافحته –بحث مقدم إلى المركز العالمي لدراسات الكتاب الأخضر –ليبيا -2005
7-      الفساد الأسباب والمعالجات –من إصدارات جمعية سفراء ألطف بالتعاون مع برنامج المجتمع المدني العراقي –منظمة جنوب الوسط -2008
8-    النزاهة والشفافية والفساد –من إصدارات هيأة النزاهة  -دائرة التعليم والعلاقات  العامة -2006
9-      World Banka: Helping Countries Combal Corruption: The Role of the World Bank, (2)Washington , 1997

ثالثا :- الدساتير والقوانين والأوامر
1-    دستور جمهورية العراق لعام 2005
2-    قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل والنافذ حاليا
3-    قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 المعدل والنافذ حاليا
4-    قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لسنة 2004
5-    قانون انضمام العراق لاتفاقية مكافحة الفساد لعام 2004 رقم (35) لسنة 2007
6-    قانون مكافاة المخبرين السرين ذي العدد ( 33 )  لسنة  2008 .
7-    قانون المحكمة الجنائية المركزية العليا رقم (13 ) لسنة 2004
8-    القانون رقم (15) لسنة 1958 العراقي ، قانون(الكسب غير المشروع على حساب الشعب )
9-    أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (55) لسنة 2004  الخاص بإنشاء هيأة النزاهة والقانون النظامي الملحق به
10-أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (77) لسنة 2004
11-أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (1) لسنة 2003
12-أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (3) لسنة 2003
13-الأمر الحكومي رقم (14) لسنة 2005
14-إجراءات استلام مزاعم الفساد الصادرة عن هيأة النزاهة لسنة 2008
رابعا  :- مواقع الانترنت
1-    موقع هيأة النزاهة على شبكة الانترنت :- email:hotlinenazaha@yahoo.com
2-    موقع الحوار المتمدن 2008-http://www.ahewar.org/                 -
3-    موقع جيران على شبكة الانترنت   -           www.jeeran.net
4-    الموقع الاليكتروني –www.dw-world.de                            

خامسا:- القرارات القضائية
2-    قرار محكمة التميز الاتحادية ذي العدد 5845/ جزائية/ 2006ت / 5201 في 24/12/2006 . (غير منشور).
3-    قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق  ذي العدد (1/اتحادية/2005) في 29/5/2006(غير منش






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق